وفي لقاء جمعنا بالمحاضر الاستاذ محمد صلاح الدين الشريف أكّد ان الغرض الاساسي من هذه المحاضرة التصدّي لبعض الافكار الشائعة في خصوص اللغة العربية وهي أغلبها تصوّرات لا تقوم على أساس علمي متين ولا على توثيق أمين حول ماهيتها ورسم حقيقتها التاريخية وحقيقة صلتها بالألسنة القديمة والحديثة وبدورها الحالي في المجالات المختلفة كمرتبتها في الألسنة الحيّة العالمية ومنزلتها في عالم التواصل والاتصال ومدى استعمالها على الشبكات الرقمية وأهميتها الاستراتيجية بالنظر الى الألسنة الاخرى والى غير ذلك من الأدوار المنوطة بالألسن الكبرى.
وأكّد الاستاذ محمد صلاح الدين الشريف من جهة أخرى ان التصوّرات الشائعة عن اللغة العربية هي أفكار وتصورات ناتجة عن عدم المعرفة ببعض الحقائق العلمية في خصوص اللغة البشرية وألسنتها المختلفة عموما وفي خصوص اللغة العربية بالذات ذلك أنه يعتبر ان أغلب ما يشاع في شأن اللغة العربية غير قائم في عمومه على دراسات علمية عالمية فمنه رواسب معرفية قديمة بالية تجاوزتها اللسانيات النظرية والتطبيقية ومنه رواسب دعائية نشرتها القوى الاستعمارية منذ القرن 19 ومنه ما ينطوي على خلفيات استراتيجية عالمية ذات صلة متينة بصراع الحضارات ورغبة الهيمنة على مصادر الطاقة وعلى التحكّم في المعرفة والمعلومات ومنه ما نشرته الايديولوجيات القومية والدينية ظنا منها انها تحسن فعلا صبغ العربية باحدى الصبغتين واستعمالها لأهداف سياسية غير موافقة لحقيقتها البشرية.
وعن أهداف هذه المحاضرة قال الاستاذ محمد صلاح الدين الشريف أن عرضها يهدف الى الدفاع على كون المسار الذي عرفته العربية هو مسار ذو أعماق انتروبولوجية عميقة وأن وضعها الحالي مكوّن بنيوي بشري لغوي مجاوز للايديولوجيات المختلفة وللارادات الفردية والجماعية وأن الحكمة في التعامل الموضوعي مع الحقائق الطبيعية وفي مسايرة التيار الذي يفرضه التطور الطبيعي في المعنى الدقيق والمادي لهذه العبارة بعيدا عن كل العقائد والمخططات السياسية العرضية وما يشوبها من سجال وأوهام.
جدير بالذكر أن المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون "بيت الحكمة"ينظّم مساء يوم 15 ديسمبر الجاري لقاء حواريا بمقرّه يقدّم خلاله الاستاذ رضا مبروك محاضرة باللغة الفرنسية بعنوان"حماية البصر".