اختر لغتك

الاستثناء التونسي ومخاطر تذويب الدولة الوطنية

الاستثناء التونسي ومخاطر تذويب الدولة الوطنية

الاستثناء التونسي ومخاطر تذويب الدولة الوطنية - القائد الملهم

القائد الملهم
 
أبانت الحملات عن نزوع قوي لاستعادة النظام الرئاسي الذي يفضي إلى حكم الزعيم أو القائد الملهم، وهو ما عكسه تحرك عدد من الشباب لوضع صور كبيرة لقيس سعيد في أماكن عامة في استعادة رمزية للاستقرار الذي عرفه حكم الرئيسين الراحلين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.
 
لكن النهضة نفسها قد تجد في قيس سعيد مخلصا لها من ورطة تشكيل الحكومة الذي بات أمرا صعبا بسبب ميل الكتل الصاعدة إلى النأي عن الحركة وتجنب خسائر التحالف معها، فضلا عن تفضيل البقاء في صف المعارضة وتجنب مشاركة في الحكم قد تعصف بالمكاسب التي حققتها في البرلمان، وهو أمر مفهوم خاصة في ظل المناخ الشعبي المشحون ضد الأحزاب وافتقاد هذه المجموعات التجربة في الحكم وغياب البرامج.
 
وألقى سالم الأبيض، القيادي في حركة الشعب ووزير التربية في حكومة الترويكا، لحركة النهضة بقشة النجاة حين قال إن حركته على استعداد للمشاركة في حكومة يُشرف على تشكيلها قيس سعيد وليس النهضة، وهو ما يرفع الحرج عن النهضة ويفتح لها باب التخفي تحت جلباب قيس سعيد ويوفر لها مدخلا لتوافق جديد تحت يافطة “جبهة واسعة لمقاومة الفساد” يمكّنها من الحكم من وراء الستار وبمباركة من الرئيس الجديد، ويكسبها ود الشارع الشبابي الواسع الذي بات يناصبها العداء ويحملها مسؤولية الخيارات الفاشلة شأنها شأن أحزاب المنظومة القديمة.
 
لكن هذا المخرج المؤقت لن يعفي الحكومة القادمة من صراع مع الرئيس الجديد، فالنهضة ستفكر أن تناور من ورائه وتروضه كما فعلت مع الرئيس السابق منصف المرزوقي من قبله. لكن قيس سعيد المزهو بشعبيته الجارفة، والتي لم تكن بسبب جاذبيته الشخصية ولا جاذبية أفكاره ولكن عقابا لأحزاب الحكم السابقة وبينها النهضة، قد يلجأ إلى ورقة الشارع لفرض برنامجه ما يقود البلاد إلى حالة من الفوضى السياسية والاجتماعية تليها ولا شك فوضى أمنية.
 
ويجري الآن حديث عن وجود نية لتزكية الحكومة التي ستقودها النهضة سريعا حتى لا تتهم الكتل البرلمانية والأحزاب التي تقف وراءها بتعطيل المؤسسات، لكن بعد ذلك ستتم هرسلة الحكومة في البرلمان بأسلوب السنوات الثماني الماضية، أي تعطيل كل الدواليب لمدة خمس سنوات أخرى، بهدف تسجيل نقاط على النهضة.
 
إن النظام الانتخابي الأعرج الذي تم تمريره كأرضية تأسيسية للانتقال الديمقراطي أفضى بالنتيجة إلى تركيز الطبقة السياسية الحاكمة والمعارضة على صراعات التموقع داخل المؤسسات بعقلية الغنيمة. كما أن المعارضة بات دورها الرئيسي ليس مراقبة الأداء الحكومي أو الرئاسي أو البرلماني وإجبار الائتلاف الحاكم على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، ولكن قطع الطريق أمام أي إنجاز حكومي، وهو وإن كان سيقود إلى اهتزاز صورة أحزاب التحالف الحاكم ومعاقبتها، فقد أدى إلى احتجاز لحظة التطوير الاقتصادي عند نقطة الصفر، وفرض أيضا تصويتا عقابيا ضد المعارضة نفسها التي كانت العقوبات ضدها أشد وأفضت إلى ضربات قاسية ضد اليسار الذي كان محور المعارضة وقائد لعبة قطع الطريق.
 
ويضع هذا النظام أرضية واسعة للتفتيت خاصة بإعطاء أدوار أوسع للمجالس المحلية (البلدية) وتخفيف الرقابة المركزية، ما اعتبره وزير المالية الأسبق حسين الديماسي خيارا يزيد في تفكيك أصول الدولة المركزية.
 
وقال الديماسي في تصريحات له في 2018 لإذاعة شمس أف أم المحلية إن التوجه نحو اللامركزية سيُفتت السلطة وإن النظام الانتخابي أفرز حكومات ضعيفة غير قادرة على مجابهة التحديات الاقتصادية.
 
 

آخر الأخبار

تونس في مواجهة التحديات الرقمية: حماية الأطفال أولوية في عصر الإنترنت

تونس في مواجهة التحديات الرقمية: حماية الأطفال أولوية في عصر الإنترنت

العنف المدرسي: أزمة متفاقمة تتطلب حلولًا شاملة ومستدامة

العنف المدرسي: أزمة متفاقمة تتطلب حلولًا شاملة ومستدامة

أحمد سمير سليمان يواصل القيادة: مجلس إدارة قوي لدورة جديدة في الاتحاد المصري للميني فوتبول

أحمد سمير سليمان يواصل القيادة: مجلس إدارة قوي لدورة جديدة في الاتحاد المصري للميني فوتبول

فضيحة رياضية تهزّ الملاعب: لاعبات كرة يد ينافسن في كرة السلة بنتيجة صادمة!

فضيحة رياضية تهزّ الملاعب: لاعبات كرة يد ينافسن في كرة السلة بنتيجة صادمة!

أحمد سمير سليمان يواصل قيادة الميني فوتبول المصري: تزكية بالإجماع لدورة جديدة

أحمد سمير سليمان يواصل قيادة الميني فوتبول المصري: تزكية بالإجماع لدورة جديدة

Please publish modules in offcanvas position.