تطورت قضية الوداد المغربي والترجي التونسي المنظورة حاليًا أمام المحكمة الرياضية الدولية “كاس”، والخاصة بأحداث إياب نهائي دوري أبطال أفريقيا نسخة 2019 التي فاز بها الفريق التونسي بنتيجة 1/2 في مجموع الذهاب والإياب، بعد الشهادة التي أدلى بها رئيس الكاف “أحمد أحمد” أمام المحكمة حول إجباره على تسليم الكأس تحت تهديد إداري من قبل رئيس الترجي حمدي المؤدب.
وتدرس المحكمة الرياضية الدولية الاعترافات الصادمة لرئيس الكاف منذ أول أمس الجمعة، قبل اتخاذ قرار نهائي في الدعوى القضائية التي رفعها نادي والوداد ضد قرار لجنة انضباط الكاف بمنح الترجي لقب البطولة بعد اعتبار الوداد مُنسحبًا من مباراة الإياب على ملعب رادس الأولمبي في تونس.
فلاش باك
رفض لاعبو الوداد استكمال المباراة عند الدقيقة 62 اعتراضا منهم على تعطل تقنية VAR وتم إعلان فوز الترجي باللقب وتسليمه الكأس والميداليات الذهبية في أرض الميدان بعد أكثر من 65 دقيقة من المداولات بين إدارة الناديين ورئيس الكاف في أرض الملعب.
وقرر الاتحاد الأفريقي لكرة القدم “كاف” عدم اعتبار الوداد منسحبًا بقرار من لجنة الطوارئ بعد اجتماعها في العاصمة الفرنسية باريس نهاية شهر جوان 2019، مع اتخاذ قرار بإعادة المباراة مجددًا.
وقابل الترجي هذا القرار باللجوء مباشرة إلى المحكمة الرياضية الدولية، والتي قررت عدم صحة قرار الكاف وعدم اختصاصية لجنة الطوارئ في مثل هذه الأمور، وطالبت الكاف بالرجوع إلى لجنة الانضباط التابعة له من أجل مراجعة القرار، وهو ما حدث بالفعل، ليتم إعلان انسحاب الوداد وتتويج الترجي بشكل رسمي في مطلع شهر أوت 2019.
ماذا سيحدث لو حكمت المحكمة لصالح الوداد؟ هل سيُسحب اللقب من الترجي؟
يعتقد عشاق الوداد أن الكاف سيسحب اللقب من الترجي وسيمنحه لهم، لكن لا يوجد أي نص في لائحة البطولة يدل على إمكانية حدوث ذلك، ولم يسبق وسمح الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” بسحب تأهل أو تتويج فريق حتى لو حدث بطريقة غير شرعية، خاصةً بعد مرور أشهر طويلة من انتهاء المباراة.
في الماضي القريب أدين فريق يوفنتوس الإيطالي في قضية رشاوي هزت الكرة الإيطالية، وتم تجريده من لقب الدوري موسمي 2004-2005 و2005-2006، وتحويل اللقبين إلى الإنتر، وتقرر هبوطه إلى دوري الدرجة الثانية، وحرمانه من اللعب في دوري أبطال أوروبا بموسم 2007/2006، لكن إدارة يوفنتوس الجديدة نجحت في استرداد اللقبين من الإنتر بعد استئناف القرار في المحكمة.
ولدى الترجي حق قانوني في استئناف أي قرار تصدره المحكمة بشأن سحب اللقب، يتمثل في انسحاب فريق الوداد من المباراة، فقد كان عليه استكمال المباراة ومن ثم اللجوء إلى القنوات الشرعية للمطالبة بحقوقه من جديد والنهاية واحدة.
ووصف العضو السابق في المكتب التنفيذي للاتحاد الأفريقي عبد المنعم شطة انسحاب الوداد من المباراة بالهفوة الفادحة، مؤكدًا في الوقت نفسه أن شهادة أحمد أحمد بوجود انفلات أمني في ملعب رادس، لا قيمة لها الآن.
ونقطة أخرى تؤكد صعوبة سحب اللقب من الترجي، عندما أدين فريق “مارسيليا الفرنسي” هو الآخر في قضية تعاطي لاعبيه للمنشطات قبل مواجهة ميلان في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 1993.
مع ذلك لم يتم سحب اللقب من مارسيليا ولا يزال يحتفظ به حتى وقتنا هذا كأول وآخر فريق فرنسي يتوج بلقب البطولة.
واكتفى اليويفا – الاتحاد الأوروبي لكرة القدم – بمعاقبة الفريق بالهبوط إلى الدرجة الثانية واستبعاده من المشاركة في دوري أبطال أوروبا.
ناهيك عن المباريات التي شهدت أخطاء تحكيمية كارثية ولم تُسحب الألقاب من الفائزين، مثل خطأ الحكم التونسي علي بن ناصر الذي احتسب هدف باليد لدييغو مارادونا في شباك إنجلترا وأدى إلى تتويج الأرجنتين بكأس العالم 1986، أو هدف جيف هيرست غير الصحيح في مرمى ألمانيا الغربية، والذي ساعد إنكلترا على التتويج بلقب كأس العالم 1966.
هل يذهب اللقب للوداد؟
يعد هذا السيناريو من المستبعد حصول الوداد على اللقب، خاصةً مع مرور عدة أشهر على مباراة نهائي دوري أبطال أفريقيا، وهناك مدة قانونية ولائحة خاصة بإعادة المباريات، بالإضافة إلى أن البطولة في نسختها الجديدة لعبت وقاربت على الانتهاء ووصلت بالفعل إلى نصف النهائي.
هل تتويج الزمالك بكأس السوبر الأفريقي باطل؟
يظن البعض أن تتويج الزمالك بلقب السوبر الأفريقي سيكون باطلاً، بعدما حققه على حساب الترجي في اللقاء الذي أقيم على الأراضي القطرية خلال شهر فيفري الماضي.
لكن مباراة كأس السوبر الأفريقي قد أقيمت بالفعل وفاز فيها الزمالك بثلاثة أهداف مقابل هدف، وشارك الترجي بصفته بطلاً لدوري أبطال أفريقيا، بعد أشهر قليلة جدًا من مشاركته كممثل لأفريقيا في بطولة كأس العالم للأندية 2019.
هل أنقذ الكاف مستقبل الترجي؟
بالفعل مماطلة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم “كاف” في حسم القضية، ونقلها من لجنة الطوارئ إلى لجنة الانضباط خلال شهري ماي وجوان وجويلية، مع مرور عدة أشهر على النهائي، كان سببًا رئيسيًا في استحالة صدور قرار من المحكمة الرياضية بإعادة المباراة أو سحب اللقب من الترجي.
لكن في حالة فوز الوداد بالقضية وإدانة الترجي، سيتعرض الفريق التونسي لعقوبات صارمة قد تصل إلى استبعاده من المشاركة في البطولات الأفريقية موسم أو موسمين على الأقل، بسبب عدم توفيره للأمن حسب ما جاء في شهادة رئيس الكاف، وحسب ما ورد في شكوى إدارة الوداد.
ما الهدف من فوز الوداد بالقضية؟
إذا انتصر الوداد في القضية، سيكون الهدف هو انتصار للحق فقط لا غير، وانتصار لأخلاقيات اللعبة، حتى يتم فيما بعد توفير تقنية VAR وحماية حقوق الفريق الضيف في المباريات الاقصائية من البطولة (ربع ونصف النهائي).
ويبقى نشوب كل تلك الاحداث أمر صحي للغاية من أجل مستقبل أفضل لدوري أبطال أفريقيا وكأس الكونفدرالية، فقد تسببت مشكلة الترجي والوداد في إقامة نهائي دوري ابطال افريقيا من مباراة واحدة على ملعب محايد بدلاً من ذهاب واياب.
على مدار السنوات الماضية، شهدت المباراة النهائية ظلم تحكيمي يقع على الفريق الضيف، وهو ما حدث في نهائي ليبرتادوريس عقب مشكلة جمهور ريفر بليت وبوكا جونيورز في عام 2018، والتي تسببت في نقل المباراة إلى ملعب محايد “سانتياجو برنابيو” في مدريد.
بالتالي، تعديل نظام النهائي واقامته من مباراة واحد على غرار ما يحدث في بطولة دوري أبطال أوروبا، ثاني أكبر مكسب من تلك القضية الشائكة.