في مشهد يختصر صمود قطاع غزة بعد أكثر من عام على الحرب، عادت الحياة لتتحرّك داخل جدران مدرسة "اللّولوة القطامي" في حيّ الرمال، رغم أن المبنى المتضرّر لم يعد يشبه مدرسة… بل خيمة جماعية للبحث عن مستقبل ممكن.
للمرة الأولى منذ السابع من أكتوبر 2023، عاد 900 طفل إلى مقاعد الدراسة—إن وُجدت—وتحت الخيام في كثير من الأحيان، ومن دون كتب، لكن بلهفة حقيقية لاستعادة جزء من طفولتهم المسلوبة.
إيمان الحناوي… مديرة تحمل المدرسة فوق كتفيها
مديرة المدرسة، إيمان الحناوي (50 عاماً)، قالت إنهم يعملون بجهود خارقة لتأمين كتب مدرسية "في أقرب وقت"، لكن ما يؤلم أكثر هو الوضع النفسي القاتم للأطفال:
“الحرب أجبرتهم على أعمال شاقة… يجمعون الحطب، يحملون المياه، يقفون في طوابير الطعام. وهم أطفال!”
ومع غياب البنية الأساسية للتعليم، بدأت المدرسة في اعتماد التعليم عبر اللعب، كاستراتيجية للترميم النفسي قبل الأكاديمي.
رياضيات تُعلَّم بالرقص… ولغة عربية عبر المسرح
معلمة الرياضيات تحوّل الدروس إلى منافسات راقصة بين المجموعات، محاولةً انتزاع البسمة من وجوه مرهقة.
أما أستاذ اللغة العربية، فيقسّم التلاميذ إلى مجموعات صغيرة تقدّم قصائد عبر مسرحيات هزلية، وكأن الفن أصبح وسيلة إنقاذ أخيرة.
“بدأنا من الصفر”
فيصل القصّاص، مدير المشروع، يلخّص كل شيء بجملة قصيرة:
“بدأنا من الصفر… وجلّ تفكير الأطفال أصبح طابور الخبز والمياه.”
رغم ذلك، يستقبل المشروع 900 تلميذ في فترتين—صباحية ومسائية—ويحاول عبر الأنشطة اللامنهجية إخراجهم تدريجيًا من صدمة الحرب وإعادة ربطهم بالتعليم.
مدرسة بلا جدران… لكنها مليئة بعزيمة لا تنكسر
ورغم الخراب والقصف ومشاهد الفقد التي ترافق التلاميذ يوميًا، إلا أن فتح أبواب المدرسة شكّل أهم خطوة لإعادة بناء أرواح صغيرة كادت تتهشّم.
هنا… في غزة، بدأت “اللّولوة القطامي” درسها الأول لهذا العام:
أن التعليم يمكن أن يولد حتى من تحت الأنقاض.



