في الذكرى الثامنة والستين لإعلان الجمهورية التونسية وتحديدا بتاريخ 25 جويلية 2025 لا تقف البلاد عند حدود التذكير بلحظة رمزية من تاريخها فحسب لكنها تجد نفسها وجها لوجه أمام مرآة مكاشفة كبرى تعكس مسارا متقلبا من بناء الدولة منذ القطيعة مع النظام الملكي الحسيني سنة 1957، حين توج الزعيم الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية في لحظة بدت حينها تأسيسية بامتياز جمعت بين طموح التحديث وبناء الدولة الوطنية الحديثة، فقد أرست تلك المرحلة بداية نظام مركزي قوي عول عليه لقيادة مشروع تنموي صاعد، غير أن ذلك التأسيس حمل منذ بداياته بذور الاختزال السياسي إذ ما لبث أن تحول إلى حكم الفرد الواحد والحزب الواحد مع إقرار بورقيبة رئيسا مدى الحياة سنة 1975 ما عمق من أزمة الشرعية وكرس اختلالا طويل الأمد بين السلطة والمجتمع.