شارك رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد اليوم الخميس 04 سبتمبر 2025 في أشغال الطاولة المستديرة رفيعة المستوى المنعقدة على هامش الدورة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية بالجزائر العاصمة، حيث ألقى كلمة شاملة تطرقت إلى الماضي والحاضر والمستقبل القاري مع التركيز على ضرورة تمكين إفريقيا اقتصاديا وجعلها قوة فاعلة على الساحة الدولية عبر تفعيل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، واستهل كلمته بالتعبير عن الامتنان للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على الدعوة وحسن الاستقبال والضيافة مبرزا أن هذا الحدث يُمثّل منصة استراتيجية لتعزيز التعاون الإفريقي ومناقشة التحديات والفرص التي تواجه القارة ومؤكدا على عمق الروابط التاريخية بين الدول الإفريقية وضرورة استلهام دروس الماضي لتحقيق التنمية المستدامة في المستقبل.
هذا وأوضح سيادة الرئيس أن تجربة القارة الإفريقية منذ استقلالها مرت بمحطات مهمة بدأت بتأسيس منظمة الوحدة الإفريقية التي كانت تمثل حلم القادة الأفارقة في تحقيق التكامل والوحدة، إلا أن تلك الطموحات واجهت تحديات كبيرة من الانقسامات والصراعات واستغلال الموارد الطبيعية مما أعاق تقدم القارة وأدى إلى استمرار الفقر ونشوء أزمات متعددة، وانتقد الرئيس سعيد ما اعتبره استغلالا مستمرا لموارد إفريقيا من قبل قوى خارجية على مر العصور مشيرا إلى أن هذا الاستغلال لم يقتصر على الماضي بل يستمر في الحاضر بأشكال متعددة وهو ما يفرض على الدول الإفريقية تبني استراتيجيات جديدة قادرة على معالجة الفقر وتحقيق العدالة الاقتصادية وضمان سيادة الدول على مواردها الطبيعية.
وأشار سيادة الرئيس الأستاذ قيس سعيد إلى أن تمكين إفريقيا اقتصاديا لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن تعزيز التعاون بين الدول الإفريقية نفسها ومع الشركاء الخارجيين شرط أن يكون هذا التعاون قائما على المصالح المتبادلة والمساواة الفعلية وبعيدا عن أي تبعية أو استغلال، كما أشار إلى أن المشروع الذي يسعى إليه يجب أن يكون شاملا لكل مجالات التجارة والبنية التحتية والزراعة والتكنولوجيا والخدمات بهدف بناء اقتصاد قوي ومستدام يكون قادرا على المنافسة عالميا وخلق مستقبل مزدهر لشعوب القارة.
كذا تطرق رئيس الجمهورية التونسية أيضا إلى القضايا العالمية الكبرى حيث جدد التأكيد على دعم حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال معتبرت أن القضية الفلسطينية تمثل قضية إنسانية عادلة يجب أن تعالج في سياق أي نقاش حول نظام عالمي جديد، ودعا إلى تبني نظام إنساني عالمي يضع حدا للنزاعات والصراعات الدولية ويعتمد على قيم العدالة والحرية والمساواة بين الشعوب بما يعكس الرؤية الإفريقية الشاملة التي ترتكز على التضامن والتعاون العادل بين الدول.
وقد اختتم القائد الأعلى للقوات المسلحة التونسية كلمته بالدعوة إلى مشروع شامل لإفريقيا يتجاوز الطابع التجاري للمعرض ليشمل جميع أبعاد التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية ويعطي الأمل لشعوب القارة في مستقبل مزدهر قائم على سيادة الموارد والعدالة الاقتصادية والتكامل بين الدول الإفريقية، مؤكدا أن إفريقيا ليست قارة الموارد فقط بل هي قارة الشعوب والطموحات وأن النجاح الحقيقي للقارة يتمثل في قدرتها على ترجمة هذه الرؤية إلى واقع ملموس يرفع من مكانتها على المستوى الدولي ويضمن لها دورا مؤثرا في صياغة مستقبلها الاقتصادي والسياسي.