في إنجاز علمي لافت، تمكن فريق بحثي من جامعات عالمية مرموقة، من بينها هارفارد وأكسفورد، من تطوير أسلوب جديد يُنذر بثورة حقيقية في تشخيص ومتابعة اعتلال عضلة القلب الضخامي، أحد أكثر أمراض القلب الوراثية انتشارًا حول العالم.
ويصيب هذا المرض ملايين الأشخاص، إذ يتسبب في تضخم غير طبيعي بجدار عضلة القلب نتيجة طفرات جينية تنتقل غالبًا داخل العائلات. وبينما يعيش بعض المصابين دون أعراض تُذكر، يواجه آخرون مخاطر جسيمة قد تصل إلى قصور القلب واضطرابات خطيرة في نبضاته، بل وتوقف القلب المفاجئ في بعض الحالات.
لطالما شكّل هذا المرض تحديًا كبيرًا للأطباء، في ظل غياب علاج نهائي وصعوبة التمييز بين المرضى الأكثر عرضة لمضاعفات مهددة للحياة. غير أن هذا الواقع قد يكون على وشك التغير، بفضل اختبار دم جديد يُعيد رسم خريطة تقييم المخاطر.
وفي دراسة متقدمة شملت 700 مريض، قاس الباحثون مستويات بروتين NT-Pro-BNP في الدم، وهو بروتين يفرزه القلب بشكل طبيعي أثناء عمله. وأظهرت النتائج أن ارتفاع مستوياته يرتبط بزيادة الضغط على عضلة القلب، وضعف تدفق الدم، وارتفاع نسب التليف، وهي مؤشرات تنذر بتطورات خطيرة مثل الرجفان الأذيني أو قصور القلب.
ويرى العلماء أن هذا الفحص يمثل نقلة نوعية في رعاية المصابين، إذ يسمح بتحديد المرضى الأكثر عرضة للخطر بدقة أكبر، ما يفتح الباب أمام متابعة لصيقة أو تدخل علاجي مبكر، مقابل تجنب العلاجات غير الضرورية لمن هم أقل عرضة للمضاعفات.
وفي هذا السياق، أكدت الدكتورة كارولين هو، قائدة الدراسة من جامعة هارفارد، أن الاختبار الجديد يحقق معادلة طال انتظارها في الطب الحديث: “العلاج المناسب للمريض المناسب في الوقت المناسب”، مشيرة إلى أن هذا التقدم قد يسهم في إنقاذ أرواح كثيرة وتحسين جودة حياة آلاف المرضى حول العالم.
اختراق علمي جديد يضع الأمل في أن يصبح التنبؤ بالخطر، لا المفاجأة، هو القاعدة في مواجهة أمراض القلب الوراثية.



