بقلم: عزيز بن جميع
في أمسية ساحرة، شهد البرج الأثري بالمهدية عرض مسرحية كاليغولا بإخراج الفاضل الجزيري وبطولة الفنان القدير محمد كوكة، في إطار تظاهرة "مسارات المسرح" التي تنظمها وزارة الشؤون الثقافية بالتعاون مع المندوبية الجهوية للثقافة والمسرح الوطني التونسي. كان العرض جزءًا من هذه التظاهرة التي نجحت في استقطاب جمهور مسرحي غفير ومتنبه، ما خلق تفاعلًا عميقًا بين الصورة، التمثيل، والجمهور الحاضر.
البرج الأثري: جوهرة ثقافية تنتظر المزيد من الدعم
يعد البرج الأثري بالمهدية موقعًا مسرحيًا رائعًا، يحمل إمكانيات كبرى ليصبح مركزًا للتنشيط الثقافي في تونس وعلى مستوى البحر الأبيض المتوسط. من الضروري ضخ ميزانيات جديدة لتحسين مرافقه ودعمه ليكون محط أنظار المهرجانات العالمية، كما هو الحال مع مهرجان أفينيون في فرنسا.
تكريم محمد كوكة: احتفاء متأخر بفنان كبير
بعد انتهاء العرض، تم تكريم الفنان محمد كوكة على أدائه المميز في المسرحية، حيث نال شهادة تقدير وباقة ورود وسط تصفيق حار من جمهور المهرجان. ورغم هذا التكريم، يعاني كوكة من تهميش مزمن، فقد أقصي لفترات طويلة عن المهرجانات الكبرى، رغم موهبته الاستثنائية وخبرته الكبيرة في التمثيل والإخراج.
مسرحية كاليغولا: ضحية ضعف التوزيع
على الرغم من النجاح الفني الذي حققته كاليغولا، إلا أنها تعاني من ضعف في التوزيع، حيث عرضت فقط في بنزرت والمهدية خلال الصيف، وهو عدد قليل لا يغطي تكاليف الإنتاج أو يوفر أجورًا كافية للممثلين. يجب أن تعرض المسرحية في كافة أنحاء الجمهورية بالتعاون مع متعهد حفلات قادر على الترويج لها بالشكل الذي تستحقه.
وضعية الفنانين: بين الوعود والواقع المرير
الممثل التونسي يواجه واقعًا صعبًا، حيث يعتمد غالبًا على وعود دون تحقيقها، في غياب قوانين تنظم المهنة وتوفر فرص عمل لائقة. رغم مسيرته الطويلة، يعاني محمد كوكة من ضعف الأجور، وحتى في مسرحية كاليغولا، لم ينل كوكة أجرًا يتناسب مع مكانته الفنية، ما يعكس الحالة الصعبة التي يعيشها الكثير من الفنانين التونسيين.
نداء إلى وزيرة الثقافة
نوجه دعوة إلى وزيرة الثقافة أمينة الصرارفي للنظر في الوضع المالي المتردي لمحمد كوكة، الذي بات يعاني من ضائقة مالية خانقة. هذا الفنان الذي قدم الكثير للفن التونسي لا يستحق هذا الجحود والنكران. ربما لو اختار كوكة مسيرة خارج حدود الوطن لكان الآن في وضع أفضل، لكنه فضل البقاء في تونس وخدمة الثقافة المحلية.
متابعة مستمرة
لن يكون هذا الموضوع نهاية المطاف، بل هو بداية لدعوة مستمرة لتحسين أوضاع الفنانين التونسيين، وعلى رأسهم محمد كوكة، الذي لا يزال يعاني في صمت.