وسط أجواء فنية وتنشيطية وإبداعية مميزة، سجلت ستة أعمال مسرحية منتجة من أطفال وشبان ويافعين حاملين لإعاقات مختلفة، حضورها في الدورة التأسيسية للمهرجان الوطني للمسرح لذوي الإعاقة التي انتظمت اليوم الجمعة بمدينة صفاقس ببادرة من الجمعية التونسية لمسرح الطفولة والشباب.
أنتج هذه المسرحيات التي تم عرضها على خشبة مسرح مركز الفنون الدرامية والركحية بصفاقس أطفال وشبان ينشطون في جمعيات ومراكز تربية مختصة وتأهيل تعنى بحاملي الإعاقة في ولايات الكاف وصفاقس وتونس والقيروان وقفصة، وقد لامست الأعمال المنجزة أجناسا وألوانا مختلفة من الفن المسرحي من « مسرح الميم » إلى المسرح التفاعلي إلى المسرح الأسود ومسرح العرائس والمسرح التسجيلي.
وتتمثل هذه المسرحيات تباعا في مسرحية « جدار » لجمعية فاقدي السمع بالقيروان وقد افتتح بها المهرجان، ومسرحية « أملك شيئا لا تملكه » لمركز التربية المختصة للجمعية العامة للحركة العضوية بالكاف ومسرحية « حركة » لمركز الشلل الدماغي « عبد العزيز عبد الجواد » بخزندار بتونس العاصمة ومسرحية « الصرار والنملة » لمركز رعاية الأشخاص القاصرين ذهنيا بالكاف ومسرحية « حالة حب » للجمعية المحلية المعاقين بالسند (قفصة) ومسرحية « قصص قصيرة » لجمعية القاصرين عن الحركة العضوية بصفاقس.
وقد توجت هذه العروض المنجزة عمل سنتين من التحضير المسبق منها سبعة اشهر تم تخصيصها للورشات التكوينية للأطفال واليافعين المشاركين عبر الولايات الخمسة المشاركة في المهرجان كما تم تكوين إطارات التربية المختصة وفق مقاربة العلاج بالفن كما بين ذلك رئيس الجمعية التونسية لمسرح الطفولة والشباب سامي البحري في تصريح ل(وات) على هامش التظاهرة.
ويندرج هذا المهرجان الذي استهدف قرابة 150 طفلا وشابا تتراوح أعمارهم بين 8 سنوات و23 سنة يحملون إعاقات مختلفة بين عضوية وذهنية ومزدوجة ضمن مشروع « حواس » الذي تشترك فيه عديد الأطراف من بينها الشؤون الاجتماعية ومراكز الفنون الدرامية والجمعية التونسية لمسرح الطفولة والشباب وبدعم من مشروع « تفنن، تونس الإبداعية » الممول من الاتحاد الأوروبي.
وسعى القائمون على المهرجان من وراء التأسيس له إلى « لفت النظر إلى هذه الفئة الاجتماعية وحاجتها للفعل الثقافي وحقها في مؤسسات الفعل الثقافي التي يفتقر بعضها حتى مجرد مدخل يسمح بولوج الطفل والشاب الحامل للإعاقة إليها » وفق ما بينه سامي البحري.
وعلاوة على هذا الهدف، حققت التظاهرة في دورتها التأسيسية أهدافا أخرى حيث بدا الأطفال والشبان المشاركون في المهرجان في حالة فرح وانتشاء وتفاعل إيجابي مع فقرات المهرجان التنشيطية منها والمسرحية. وقد عبرت على هذه الحالة النفسية الإيجابية الشابة اليافعة مريم الزواغي وهي مشاركة في مسرحية « قصص قصيرة » لجمعية القاصرين عن الحركة العضوية بصفاقس قائلة : « منذ دخولي إلى نادي المسرح صار هذا النشاط جزءا مني وتعلمت منه عديد الأشياء والتجارب : فهمت المجتمع وفهمت ذاتي أكثر وأصبحت أتقبلها. صرت أكثر قدرة على التعامل مع الآخرين وعلى التخاطب والتواصل معهم ».
كما عبر عدد من زملاء مريم ومن بينهم طارق ومنى على اعتزازهم بتجربتهم الجديدة في المجال المسرحي معتبرين إياها تجربة تساعدهم على تحقيق ذواتهم وتحسين قدراتهم التواصلية والإبداعية وتعزز ثقتهم في أنفسهم على غرار الأطفال والشبان الأسوياء.
المهرجان الجديد الموجهة لهذه الفئة الاجتماعية من الأطفال والشبان ذوي الاحتياجات الخاصة اعتبره ممثلو عدد من الأطراف الشريكة في تنظيمه ولا سيما الإدارة الجهوية للشؤون الاجتماعية بصفاقس والمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية ومركز الفنون الدرامية والركحية تجربة مهمة وقد تعهدوا بدعمها لتتواصل في المستقبل وتتطور أكثر لتشمل أكبر عدد ممكن من المستفيدين.