تمثل مسرحية "معًا نعيش" نموذجًا نادرًا للمسرح التربوي الذي يجمع بين الفن، التعليم، والقيم الإنسانية، مما يجعلها تجربة فنية ثرية على المستوى البصري، العاطفي، والفكري. المسرحية التي أبدعها حاتم الحشيشة كتابةً وسينوغرافيا، وتولى إخراجها عمر بن سلطانة، تقدم درسًا بيداغوجيًا ممتعًا ومتعدد الأبعاد يعكس أهمية التنوع وقوة الوحدة رغم الاختلاف.
مقالات ذات صلة:
17.2% من أطفال تونس يعانون من السمنة في سنّ مبكرة: وزير الصحة يدق ناقوس الخطر
فنّ وضع الحدود التربويّة.. كيف تساعد القواعد في تنشئة أطفال مسؤولين وأسوياء؟
قصة الألوان: صراع وتحول نحو الوحدة
تتناول المسرحية صراعًا رمزيًا بين الألوان الأولية – الأحمر، الأزرق، والأصفر – حيث يحاول كل لون فرض سيطرته على الطبيعة باعتباره الأجدر والأكثر أهمية. هنا، يعكس الصراع فكرة التنافس الذي يهيمن على المجتمعات، سواء بين الأفراد أو الجماعات، عندما تغيب قيم التعاون.
الشمس، التي تمثل المصدر الأول للضوء والألوان، تتدخل لتعيد ترتيب المشهد، مؤكدة أن التنوع هو سر الجمال، وأن الطبيعة تزدهر عندما تتحد جميع العناصر معًا. هذه اللحظة تُعد انعطافة محورية في السرد، حيث يدرك الجميع أن القوة الحقيقية تكمن في التآزر.
التعليم من خلال الفن: دروس الألوان والحياة
ما يميز المسرحية هو قدرتها على تقديم دروس تعليمية للأطفال بطريقة مبتكرة وسلسة:
درس بصري علمي:
تعلّم الأطفال عن الألوان الأولية والثانوية، وكيفية تكوينها، مما يحول العرض إلى تجربة تثقيفية تتجاوز الترفيه.
درس إنساني أخلاقي:
تُبرز المسرحية قيمة التسامح والتكامل كحل للنزاعات، في رسالة تتماشى مع التحديات التي تواجه العالم المعاصر من اختلافات ثقافية واجتماعية.
دمج الفن بالعلم:
استخدام العرائس والتقنيات البصرية لتجسيد الشخصيات يجعل من العملية التعليمية أكثر قربًا للطفل، ويعمّق فهمه للرسائل المطروحة.
رسائل أعمق: الطبيعة كمسرح للحياة
لا تكتفي المسرحية بتقديم قصة ترفيهية، بل ترسم صورة مصغرة عن الطبيعة ككيان متكامل يعكس الحياة البشرية.
* الألوان ليست مجرد عناصر بصرية، بل هي استعارة للأفراد والمجتمعات.
* امتزاج الألوان يعبر عن أهمية التعاون، حيث ينتج عن اتحادها ألوان جديدة أكثر تنوعًا وجمالًا.
* الطبيعة تصبح رمزًا للحياة التي تحتاج إلى تكامل الأدوار لتحقيق الكمال.
القيم التربوية والمستقبل
تأتي مسرحية "معًا نعيش" في وقتٍ يحتاج فيه العالم إلى تعزيز قيم العيش المشترك وقبول التنوع. من خلال هذا العمل، يتعلم الأطفال بشكل غير مباشر كيفية مواجهة النزاعات الشخصية أو الجماعية بحلول إيجابية.
عندما تتكرر عبارة "معًا نعيش، معًا نكون" في نهاية المسرحية، فإنها لا تمثل مجرد خاتمة، بل نداء مستمر لبناء مجتمع قائم على التكامل والتعايش، حيث يصبح الاختلاف مصدرًا للإثراء لا للصراع.
العروض المنتظرة
لا تفوتوا فرصة متابعة هذا العمل المسرحي المميز:
الأحد 24 نوفمبر بدار الثقافة سبيطلة على الساعة 10 صباحًا.
الأحد 22 ديسمبر بالمركب الثقافي محمد الجموسي بصفاقس.
الثلاثاء 24 ديسمبر بدار الثقافة الذهيبة في تطاوين.
فنانون وراء الرسالة
ساهم طاقم التمثيل المبدع – حسام المبروك، أيمن خبوشي، حمدي عبد الجواد، حنان عبيد، وعبد الخالق حراث – في إيصال الرسائل العميقة بأسلوب بصري وعاطفي يلامس قلوب الصغار والكبار.
رؤية مستقبلية
مسرحية "معًا نعيش" ليست مجرد عرض للأطفال، بل هي منصة لتشكيل أجيال تؤمن بقيمة التعاون والتكامل. إنها دعوة مفتوحة للتفكير في كيفية بناء عالم أجمل وأكثر تسامحًا، حيث يصبح التنوع هو القاعدة، لا الاستثناء.
احجزوا مقاعدكم الآن لتكونوا جزءًا من تجربة تنبض بالقيم والجمال!