سمير بن عمر محامي وقيادي بارز في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية مناضل سياسي، عرف باستماتته في الدفاع عن الحقوق والحريات... إلتقيته فكان هذا الحوار...
* الأستاذ سمير بن عمر مساء النور
- مساء النور سليم مرحبا بك و بكل القراء الأعزاء
* سيد سمير حتى يتعرف القارئ على مسيرتك النضالية قبل 14جانفي حدثنا عن هذه المحطة الهامة في تاريخك ؟
- كان لي اهتمام بالشأن العام منذ نعومة أظافري و انخرطت في حركة النضال المدني ضد الديكتارتورية منذ المرحلة التلمذية اذ عملت على نشر الوعي داخل الأوساط التلمذية و المشاركة في المظاهرات ضد سلطة الاستبداد و هذا ما كلَفني الطرد من المعهد ، ثم انحرطت في الحركة الطلابية و شاركت في كل المعارك التي خاضها الطلبة ضد النظام المقبور و خاصة عندما كثَفت السلطة البوليسية من قمعها الذي وصل الى حد قتل الطلبة في حرم الجامعة و اعتقال المئات منهم و حل المنظمة الطلابية للاتحاد العام التونسي للطلبة ، اذ توليت رئاسة المكتب التنفيذي السري للاتحاد الى أن وقع اعتقالي و الزج بي في السجن و ذلك قبل تخرَجي من كلية الحقوق ببضعة أسابيع حيث وقع الحكم علي بالسجن أين قضَيت ما يناهز السنة . و بعد انقضاء مدة العقاب استأنفت دراستي الجامعية من جديد و بعد انهاء دراستي لم يقع قبولي للتدريس بالجامعة رغم أنني كنت الأول على دفعتي ، فالتحقت بمهنة المحاماة التي أتاحت لي فضاء أرحب و أوسع لمواصلة نضالي ضد الاستبداد و ذلك من خلال الدفاع عن كل ضحاياه بمختلف ألوانهم السياسية و شاركت في كل التحركات التي خاضتها المحاماة التونسية من أجل الدفاع عن كرامة و حرية التونسيين ، كما ساهمت في تأسيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي عرف بنضاله ضد النظام البوليسي لبن علي و رفعه شعار أن هذا النظام لا يصلح و لا يصلح و لا سبيل لخلاص تونس الا بالثورة المدنية السلمية و كذلك تأسيس عديد الجمعيات مثل الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين و مركز تونس لاستقلال القضاء و المحاماة، كما ساهمت بفعالية في أحداث الثورة التي أدت الى فرار المخلوع اذ كنت مع رفاقي في قيادة حزب المؤتمر على رأس التحركات و خاصة منها المظاهرة التاريخية ليوم 14 جانفي...
* لنتحدث الٱن عن الانقسامات التي عجلت بتفتت حزب المؤتمر الذي نال ثقة التونسيين بعد الثورة ماهي اسباب هذا التشتت والانقسام؟
- حزب المؤتمر حقق قفزة نوعية في ظرف وجيز اذ كان حزبا نخبويا و سريا قبل الثورة ، و أحداث الثورة فرضت على الحزب تغييرات لم يكن مهيئا لها ،اذ تحول الى حزب جماهيري بالتحاق الألاف بصفوفه خاصة بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011 كما انتقل من المعارضة الى الحكم ، و ساهم خروح المنصف المرزوقي من رئاسة الحزب اثر انتخابه رئيسا للدولة و تزامن ذلك مع تفرَغ أغلب القيادات التاريخية لمسؤولياتهم صلب الدولة سواء في الحكومة أو رئاسة الجمهورية ، كل ذلك أدى الى احداث فراغ على مستوى قيادة الحزب لم تنجح القيادة الجديدة في ملئه خاصة أن أغلبهم كان أكثر همهم خدمة أجنداتهم الخاصة على حساب الحزب و حتى على حساب الوطن ، اضافة الى انحراف بعض العناضر القيادية عن قيم المؤتمر و أهدافه ، كل ذلك أدى الى اضعاف الحزب و انقسامه...
* هل تتصور أن الشعب التونسي سيمنحكم ثقته و أنتم في هذه الوضعية الجديدة المتميزة بالتناحر و تبادل الإتهامات؟
- نحن أيادينا ممدودة لكل رفاق دربنا و لكل أحرار تونس الذين يحملون همَ الدفاع عن استحقاقات الثورة من أجل وضع اليد في اليد و التعاون من أجل التصدي للعصابات التي أحكمت سيطرتها على مختلف مفاصل الدولة و ذلك بعيدا عن الأجندات الشخصية أو الحزبية التي أضرَت بمسار الثورة و أجهضت آمال و تطلعات التونسيين و مهَدت لعودة منظومة الفساد . أعتقد أنه مازال أمامنا بعض الوقت لاعادة ترتيب البيت و تنظيم صفوفنا حتى نكون في مستوى اللحظة التاريخة...
* هناك مبادرة من بعض القيادات الحزبية تدعو إلى تكوين جبهة ديموقراطية تجمع كل الأحزاب الثورية كيف تعلق على ذلك؟
- نحن نثمَن كل المبادرات الرامية الى توجيد صف القوى الديمقراطية على أرضية الدفاع على استحقاقات الثورة ، و سنتفاعل ايجابا مع هذه المبادرات لأننا لا نحمل أي أجندات شخصية و كل همنا هو الدفاع على المشروع الوطني...
* كيف تقيم عمل حكومة الصيد وهل استجابت لإنتظارات التونسيين؟
- اذا كان هناك موضوع محل اجماع من طرف كل الأحزاب السياسية بما في ذلك الأحزاب المشكلة للحكومة ، فهو ضعف هذه الحكومة و عجزها عن تقديم الحد الأدنى للتونسيين و هذا طبيعي بالنسبة لحكومة تعمل بدون برنامج و تعمل بعمل بعقلية " دز تخطف " و تتصرَف كأنها حكومة مؤقته . الهوة سحيقة بين انتظارات التونسيين و بين الحصيلة الهزيلة لهذه الحكومة حاضة أن الحزب الفائز في الانتخابات وعد التونسيين بتوفير 80 ألف موطن شغل في السنة و توفير حوالي 120 مليار دينار استثمارات خارجية و بناء 800 كلم من الطرقات ، أين نحن اليوم من هذه الوعود؟،هل يعقل بعد حوالي سنة و نصف يخرج ليبشَر التونسيين بأنه ليس له عصا سحرية في الوقت الذي كنا ننتظر منه أن يخرج ليقدم للتونسيين برنامج حكومته من أجل انقاذ البلاد ! ، هل يمكن لأي عضو في هذه الحكومة أن يعلم التونسيين كم عدد مواطن الشغل التي ستوفرها حكومته خلال المدة المتبقية من هذه السنة ؟ هل يمكنهم أن يشرحوا لنا ما هو برنامج حكومتهم لتحقيق التمييز الايجابي بين الجهات ؟ . للأسف الشديد الأحزاب الفائزة في الانتخابات تحيلت على التونسيين...
* كيف يعلق على اتفاقية المصالحة مع هيئة الحقيقة و الكرامة التي أبرمها مؤخرا السيد سليم شيبوب؟
- خلافا لما تروَج له بعض الصجف الصفراء نحن لستا ضد المصالحة الوطنية بل نحن مع المصالحة الوطنية لكن في اطار العدالة الانتقالية بما تعنيه من كشف الحقيقة و التعويض و الاصلاح المؤسساتي و تحت اشراف هيئة الحقيقة و الكرامة ، في حين أن ما طرحته رئاسة الجمهورية هو صفقة للالتفاف على العدالة الانتقالية و لتبييض الفاسدين . أما في خصوص اتفاق الصلح المبرم بين هيئة الحقيقة و الكرامة و السيد سليم شيبوب فانه تم في اطار آليات العدالة الانتقالية و لذلك فانني أعتبر أن الملف أخذ مساره الصحيح و لا يمكن الا أن أساند جهود هيئة الحقيقة و الكرامة ، و اني أدعو رجال الأعمال الذين تورطوا قبل الثورة في أعمال مخالفة للقانونة الى عدم البحث عن صفقات في الغرف المظلمة لطي ملفاتهم و اللجوء بدلا عن ذلك لآليات العدالة الانتقالية لآنها الأسلم...
* و قضية النقابي الأمني المعزول حبيب الراشدي كيف تعلق على الحكم القضائي الصادر في شأنه؟
- هذا الحكم جاء ليدق ناقوس نهاية الفسحة للعربدة التي يمارسها بعض المرتزقة الذين أساؤوا للمشهد السياسي عبر نشر الأكاذيب التي ترمي الى تشويه السياسيين خدمة لبعض الأجندات و استسهلوا المس بأعراض الناس و اتهامهم بالباطل...
* كيف ذلك سي سمير ؟
- بعض الفاسدين استغلوا الحريات التي أتاحتها الثورة للاساءة للبلاد و رموزها خدمة لبعض الأجندات و قد استعملوا بعض الشراذم من سقط المتاع للتهجم على بعض رموز الثورة ببث الأكاذيب جولهم و اتهامهم بالباطل وبث الاشاعات المغرضة في شأنهم لتشويههم و ذلك دون مراعاة للأخلاق و القيم و الهبوط بمستوى الصراعات السياسية الى القاع...
* كلمة الختام
- أدعو كل مكونات الساحة السياسية و المجتمع المدني الى التعالي عن الأجندات الشخصية أو الحزبية و اعلاء المصلحة العليا للبلاد قبل كل شيء حتى ننقذ بلادنا من المستنقع الذي تردت فيه ، لأن سقف البيت اذا وقع فانه سيقع على كل أهل البيت و لن يستثني أحدا و سيدفع الجميع الثمن.
شكرا لك سليم وشكرا لمجلتكم