في إطار الجهود الدولية لدعم حقوق المرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين، نظمت هيئة الأمم المتحدة للمرأة في تونس يومي 17 و18 أكتوبر 2024 ورشة عمل هامة ضمن برنامج "التمكين الريفي المشترك (JP RWEE)"، وقد جمعت نخبة من صناع القرار والمنظمات المهنية والخبراء في مجال النوع الاجتماعي لمناقشة قضايا محورية تتعلق بالمساواة في الأجور، وسياسات عدم التسامح مطلقًا مع التحرش الجنسي في أماكن العمل.
مقالات ذات صلة:
في زيارة عمل إلى القيروان: وزيرة الأسرة تتابع مشاريع نسائية ريفية وتدعو لتعزيز الإدماج الاقتصادي
عودة الخط الحديدي بين تونس والجزائر بعد 30 عامًا: خطوة لتعزيز التعاون الاقتصادي والسياحي
ولعل من ابرز المحاور الرئيسية التي تناولتها هو المساواة في الأجور بين الجنسين، وهو موضوع لا يزال يواجه تحديات كبيرة في العديد من المجتمعات، بما في ذلك تونس، وعلى الرغم من وجود تشريعات تحظر التمييز في الرواتب على أساس الجنس، فإن الفجوة في الأجور بين الرجال والنساء لا تزال قائمة، خاصة في المناطق الريفية حيث تعاني النساء من نقص في الفرص الاقتصادية والتمييز المهني.
ومن خلال الورشة، ركز المشاركون على أهمية وضع سياسات فعالة تعزز الشفافية في الرواتب وتضمن المساواة في الفرص المهنية بين الجنسين، كما تم التأكيد على ضرورة اعتماد تدابير قانونية صارمة لفرض سياسة "عدم التسامح مطلقا" مع التحرش الجنسي في أماكن العمل، وهو موضوع حساس يطال النساء في مختلف القطاعات، سواء في الحضر أو الريف.
هذا ولم تقف الورشة المنعقدة عند مناقشة المشكلات فحسب، بل سعت إلى بناء قدرات المشاركين في مجال تطوير سياسات مراعية للنوع الاجتماعي التى تهدف إلى دمج احتياجات النساء والرجال على حد سواء في عملية صنع القرار، مع التركيز على إزالة العوائق التي تحول دون مشاركة المرأة بشكل كامل في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
كما وان التاكيد على تحسين جمع البيانات كان أيضا موضوعا بارزا للنقاش، حيث تم التأكيد على أهمية وجود إحصائيات دقيقة حول أوضاع النساء في مختلف المجالات، خاصة في المناطق الريفية، فتوفر مثل هذه البيانات يمثل قاعدة صلبة لوضع سياسات فعالة تستجيب للاحتياجات الفعلية وتساهم في تحسين أوضاع المرأة الريفية.
علمت وان المرأة الريفية تحتل مكانة رئيسية في هذه الورشة، حيث يهدف برنامج JP RWEE إلى تحسين أوضاع النساء في المناطق الريفية من خلال تعزيز التمكين الاقتصادي، فالنساء في الريف يعانين بشكل أكبر من التهميش الاقتصادي والاجتماعي، ويواجهن تحديات تتعلق بالوصول إلى الموارد والتمويل والتدريب المهني.
بالإضافة إلى أن الورشة سعت إلى تطوير استراتيجيات فعالة لدعم النساء في هذه المناطق، بدءا من تحسين فرصهن في الحصول على التدريب والتأهيل المهني، وصولا إلى تمكينهن من الوصول إلى الموارد المالية والتكنولوجية اللازمة لبدء وتوسيع مشاريعهن الخاصة، كما تم التركيز على أهمية تعزيز التعاون بين الحكومات المحلية والمجتمع المدني لضمان استدامة هذه الجهود.
وإلى جانب التمكين الاقتصادي، تناولت الورشة موضوع العنف والتحرش الجنسي ضد المرأة، خاصة في البيئات الريفية، حيث تم التأكيد على ضرورة تطوير آليات فعالة لحماية النساء من مختلف أشكال العنف، سواء كان جسديا، نفسيا، أو اقتصاديا، هذا وأشار المشاركون إلى أهمية تطوير سياسات مراعية للفروق بين الجنسين في هذا المجال، وذلك من أجل توفير بيئة آمنة ومتساوية للجميع داخل أماكن العمل وخارجها.
وفي ختام الندوة، أكد المشاركون على أن تحقيق المساواة بين الجنسين، سواء في الأجور أو في فرص العمل، يتطلب جهودا مشتركة ومستدامة من جميع الأطراف المعنية، كما تم التأكيد على أن تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة، خاصة في المناطق الريفية، هو أحد المفاتيح الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة.
كذا وان هذه الورشة تظل خطوة مهمة ضمن سلسلة من المبادرات التي تهدف إلى تحسين أوضاع المرأة في تونس، وتعكس التزام المجتمع الدولي بدعم حقوق المرأة وتعزيز مشاركتها في الحياة الاقتصادية والسياسية، ويبقى الأمل قائما دائما في أن تترجم هذه التوصيات إلى سياسات فعلية على الأرض، تسهم في بناء مجتمع أكثر عدالة ومساواة يضمن حقوق الجميع، بغض النظر عن جنسهم أو مكان إقامتهم.
