السجائر تعرقل سرعة استرجاع الدماغ لوظائفه بنسبة 27 بالمئة إلى 48 بالمئة.
كشف فريق من الباحثين أن التدخين مرتبط بنتائج أسوأ بعد الإصابة بالسكتة الدماغية وأن عدد السجائر يلعب دورا كبيرا في إعاقة عملية استرجاع الدماغ لقدرته الوظيفية. ويؤثر تدخين السجائر، أيا كان نوعها، على تدفق الدم إلى الدماغ ويتسبب بذلك في تقليل نسبة الأكسيجين التي قد تصل إليه.
فوكوكا (اليابان) – تشير دراسة جديدة إلى أن الأشخاص الذين يدخنون أو الذين أقلعوا عن التدخين مؤخرا، لديهم احتمالات أعلى للإصابة بمضاعفات شديدة بعد السكتة الدماغية مقارنة بنظرائهم الذين لم يدخنوا أبدا.
يرتبط التدخين، منذ فترة طويلة، بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والأحداث الخطيرة مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية، لكن الدراسة الجديدة تلقي الضوء على كيفية تأثير التدخين، في الفترة التي تسبق التعرض للسكتات الدماغية أو القلبية، على مدى سهولة استئناف المرضى لحياتهم اليومية بعد الإصابة.
وبالمقارنة مع غير المدخنين، وجدت الدراسة أن أولئك الذين كانوا يدخنون، في الوقت الذي واجهوا فيه السكتة الدماغية، بدوا أكثر عرضة بنسبة 29 بالمئة لانعكاسات أكثر سوءا، بعد ذلك.
خطر حتى بعد الانقطاع
رغم أن المدخنين السابقين عموما لا يواجهون مخاطر عليا، فقد تبين أن من انقطعوا عن التدخين طوال العامين اللذين يسبقان السكتة الدماغية، معرضون لتراجع وظيفي أكبر للدماغ تقدر نسبته بـ75 بالمئة.
وقال تيتسورو آغو، من جامعة كيوشو في فوكوكا باليابان والذي شارك في الدراسة، “يمكن أن يكون التدخين عاملا مهما ومؤثرا في عملية تعافي الدماغ بعد إصابته بالسكتة الدماغية”.وأضاف آغو، في رسالة لرويترز عبر البريد الإلكتروني، “يجب على المرضى، وخاصة أولئك الذين يعانون من مخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية، الإقلاع عن التدخين في أسرع وقت ممكن”.
وأوضح أنه في حين أن معظم مرضى السكتة الدماغية يمكنهم استعادة وظائفهم إلى حد ما بعد عدة أشهر، إلا أن درجة التعافي يمكن أن تختلف بين الأفراد. وقد يعاني بعض الأشخاص من عجز دائم في الأداء البدني أو العقلي مما يجعل من الصعب عليهم إكمال المهام اليومية مثل ارتداء الملابس والاستحمام والمشي.
وأوردت نتائج الدراسة التي نشرت في مجلة “ذو جورنال ستروك” أن الأشخاص المشاركين في البحث أصيبوا جميعا بالسكتة الدماغية الإقفارية وهي النوع الأكثر شيوعا والتي تحدث عندما تقوم الجلطة بسد شريان ينقل الدم إلى المخ.
كان عمر المرضى 70 عاما في المتوسط، وكان واحد من كل أربعة أشخاص من المدخنين، خلال إجراء الدراسة. وكان 32 بالمئة من المدخنين السابقين و43 بالمئة ليس لديهم تاريخ من التدخين.
زيادة السجائر يفاقم الضرر
بيّن الباحثون أن خطر التراجع الوظيفي للدماغ زاد مع زيادة عدد السجائر التي يدخنها المشاركون كل يوم. فقد كان الأشخاص الذين يدخنون أكثر من علبة سجائر يوميا، أكثر عرضة للمضاعفات السيئة بنسبة 27 بالمئة إلى 48 بالمئة، بعد ثلاثة أشهر من الإصابة بجلطة دماغية، مقارنة بغير المدخنين. وكانوا أيضا أكثر اعتمادا على الآخرين لمساعدتهم على قضاء شؤونهم اليومية بنسبة تتراوح بين 32 بالمئة و53 بالمئة.
أحد قيود الدراسة هو أن الباحثين اعتمدوا على تذكر المصابين بالسكتة الدماغية لتاريخهم مع السجائر أو عادات تدخينهم الحالية. ويفتقر الباحثون أيضا إلى بيانات حول التعرض للتدخين السلبي، مما قد يؤثر كذلك على النتائج.
ومع ذلك، تشير النتائج إلى أن الإقلاع عن التدخين في وقت مبكر من الحياة قد يساعد في تقليل العجز عن تدبير شؤون الحياة اليومية بعد الإصابة بجلطة دماغية.
قال آغو “قد يكون الإقلاع عن التدخين فعّالا حتى بالنسبة إلى المرضى المسنين الذين يدخنون لفترة طويلة”، وأضاف أنه إذا كان المدخنون غير قادرين على التوقف فعليهم إدارة مخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية بشكل صارم، مثل تفادي ارتفاع ضغط الدم والسكري والحرص على ممارسة التمارين الرياضية وتجنب السمنة لتقليل تلف الأوعية الدموية الصغيرة في المخ.
كما كشف تقرير نشر في صحيفة “ديلى ميل” البريطانية أن الأشخاص الذين يدخنون السجائر الإلكترونية مع تدخين السجائر المحتوية على التبغ أكثر عرضة بمقدار الضعف للسكتة الدماغية من البالغين الذين يلتزمون بالسجائر فقط. ويشير البحث إلى أن تدخين السجائر الإلكترونية قد لا يكون وسيلة آمنة للإقلاع عن التدخين.
وقام الباحثون، في جامعة جورج ماسون في فرجينيا، بتحليل البيانات حول استخدام السجائر والأبخرة من 160 ألف مشارك في الولايات المتحدة تتراوح أعمارهم بين 18 و44 عاما. وبحسب البحث فإن المتطوعين الذين يدخنون السجائر والأبخرة كانوا أكثر عرضة للإصابة بالجلطة الدماغية.
لكن النتائج نفسها كشفت أيضا أن البالغين الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية فقط، ولم يدخنوا أبدا لم يتعرضوا لخطر متزايد، ومع ذلك لا تعد السجائر الإلكترونية وسيلة آمنة للتخلي عن التبغ ويمكن أن تضر الأوعية الدموية والدماغ والقلب. ولم تجد الدراسة أن التحول من السجائر إلى السجائر الإلكترونية يعدل من خطر الإصابة بسكتة دماغية.
وقال كبير الباحثين الدكتور تارانج باريك “من المعروف منذ وقت طويل أن تدخين السجائر هو أحد أهم عوامل الخطر للسكتة الدماغية، وتوضح دراستنا أن المدخنين الشباب
الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية يعرضون أنفسهم لخطر أكبر”.
وأفادت الصحيفة البريطانية “إن هذه رسالة مهمة للمدخنين الشباب الذين يرون أن السجائر الإلكترونية أقل ضررا ويعتبرونها بديلا أكثر أمانا، لقد بدأنا في فهم تأثير السجائر الإلكترونية والتدخين المصاحب لها، وتبين أنها تسبب الكثير من المضاعفات”.
واستخدم الأكاديميون بيانات من نظام مراقبة عامل مخاطر السلوك 2016 /2017، وهو مسح صحي بأميركا تم إجراؤه بالاشتراك مع مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. وقاموا بتحليل الردود على استخدام السجائر والسجائر الإلكترونية وحسبت الدراسة احتمالات الإصابة بأمراض مرتبطة بالمخ، مثل السكتة الدماغية بين المدخنين.
واعتمد الباحثون في تحليلهم معدل الاستخدام وارتفاع ضغط الدم والسكري ومستويات الكولسترول ومؤشر كتلة الجسم والنشاط البدني وتعاطي الكحول. وعند حساب احتمالات الإصابة بسكتة دماغية، كان أولئك الذين قاموا بتدخين السجائر الإلكترونية مع السجائر العادية، وقت الدراسة، أكثر عرضة بمرتين للإصابة بالسكتة الدماغية، مقارنة بأولئك الذين يدخنون السجائر فقط.
وحذر الدكتور ليون شهاب، من جامعة لندن، من ضرورة تفسير النتائج بحذر. وأضاف أن بعض المتطوعين ربما دخنوا السجائر الإلكترونية بسبب مخاوف صحية قد تسببت بالفعل في تعرضهم لخطر شديد من السكتة الدماغية.