أصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومبادرة أكسفورد حول الفقر والتنمية البشرية تقريرًا سنويًا يكشف عن الأبعاد المقلقة للفقر المدقع في العالم، حيث يعاني أكثر من مليار شخص من الفقر "الحاد"، نصفهم من الأطفال. يُبرز هذا التقرير العلاقة الوثيقة بين الفقر والصراعات المسلحة، مما يثير تساؤلات حول آليات الحماية والدعم اللازم لتلك الفئات المتضررة.
مقالات ذات صلة:
التسول في تونس: أزمة اجتماعية تتجاوز الفقر إلى استغلال إنساني
تصاعد الأزمة الإنسانية في غزة: الأطفال يعانون من العنف والفقر الغذائي
فقر متعدد الأبعاد
يعتمد مؤشر الفقر متعدد الأبعاد العالمي، الذي تم تطويره منذ العام 2010، على قياس مجموعة من العوامل المعيشية، بما في ذلك الإسكان، والصرف الصحي، والكهرباء، والتغذية، والأنظمة التربوية. وفقًا للتقرير، يُظهر أن 1.1 مليار شخص يعانون من فقر متعدد الأبعاد، مما يعكس التحديات المتعددة التي تواجهها هذه الفئات في الحصول على احتياجاتهم الأساسية. في مناطق النزاع، يُلاحظ أن معدل الفقر يصل إلى ثلاث مرات مقارنةً بالدول التي تعيش في سلام، حيث يعاني 455 مليون شخص من هذه الأوضاع الصعبة.
التأثير المدمر للنزاعات
تشير يانشون جانغ، كبيرة خبراء الإحصاءات في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى أن الفقر في الدول التي تشهد نزاعات يكون أكثر حدة، مما يجعل الحياة اليومية أكثر صعوبة. يظهر التقرير أن غالبية الأطفال الذين يعانون من الفقر، والبالغ عددهم 584 مليونًا، يقيمون في مناطق تعاني من انعدام الأمن والنزاعات، مما يزيد من تعقيد مشاكلهم ويجعل فرصهم في التعليم والفرص الاقتصادية أضعف.
تتواجد أغلب حالات الفقر في المناطق الريفية، حيث يعيش نحو 84% من الفقراء في العالم. وهذا يشير إلى أن الفقر المدقع يؤثر بشكل خاص على المجتمعات الضعيفة، مما يزيد من الحاجة إلى استراتيجيات فعّالة لمكافحة الفقر في هذه المناطق.
الدول الأكثر تضررًا
تشير البيانات إلى أن الدول الخمس التي تحتوي على أكبر عدد من أفقر الفقراء تشمل الهند، وباكستان، وإثيوبيا، ونيجيريا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية. هذه الدول لا تعاني فقط من الفقر، بل تواجه أيضًا تحديات مرتبطة بالنمو السكاني السريع، مما يزيد من الضغط على مواردها وقدرتها على تقديم الدعم للفئات الأكثر حاجة.
دعوة للعمل
تدعو سابينا الكيره، مديرة مبادرة أكسفورد، المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات فورية للحد من الفقر، مشيرة إلى أن الحروب والنزاعات لا تترك ندوبًا عميقة فحسب، بل تعيق أيضًا جهود تخفيض الفقر. إن الأمر يتطلب تعاونًا دوليًا قويًا لضمان الأمن والاستقرار، مما يمكن أن يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
استنتاجات وتوصيات
يؤكد التقرير على أهمية اتخاذ تدابير فورية لمعالجة الفقر المدقع:
تعزيز الأمن والسلام: يتطلب الحد من الفقر تعزيز جهود السلام وحل النزاعات.
زيادة الدعم للدول المتأثرة: يجب توجيه الموارد الدولية لدعم المجتمعات الأكثر تضررًا.
تحسين الظروف المعيشية: ينبغي التركيز على تطوير البنية التحتية الأساسية وتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية.
رفع الوعي العالمي: تعزيز الوعي بالقضايا الإنسانية الناجمة عن النزاعات والفقر يمكن أن يُحدث فرقًا في جهود الدعم الدولي.
في ختام التقرير، يتضح أن الفقر ليس مجرد أزمة اقتصادية، بل هو قضية إنسانية تتطلب تفكيرًا عميقًا وتعاونًا عالميًا لضمان حقوق الإنسان والكرامة للجميع.