تواجه العديد من النساء المطلقات في تونس تحديات ضخمة بعد انتهاء علاقاتهن الزوجية، حيث تتحمل العديد منهن عبء تربية الأبناء وتوفير احتياجاتهم الأساسية، بينما يظل الزوج السابق في كثير من الحالات مستمرًا في تلاعبه بحقوق أبنائه، سواء من خلال الاكتفاء بنفقة زهيدة أو من خلال التدخل في شؤونها الخاصة. هذا التقرير يسلط الضوء على معاناة المرأة المطلقة في مواجهة الشح المالي والتدخلات العائلية التي تؤثر على حياتها الاجتماعية والمهنية، بالإضافة إلى محاولات الضغط من خلال النظرة الاجتماعية والنفوذ العائلي الذي يمارسه الزوج السابق.
مقالات ذات صلة:
أثر الصمت: كيف يؤثر غياب العلاقة الجنسية على النساء بعد الطلاق؟
الطلاق المبكر: لون العينين سببًا لهدم الأسر!
تونس في مواجهة تحولات في مفهوم الزواج: تراجع في نسبة الزيجات وارتفاع في حالات الطلاق
النفقة الزهيدة: عبء إضافي على المطلقة وأبنائها
تعد النفقة التي يُحكم بها على الزوج السابق في معظم حالات الطلاق في تونس غير كافية لتلبية احتياجات الأبناء بشكل كامل. ورغم أن القانون يحدد حقوق المرأة والأبناء في تلقي نفقة معقولة لتغطية نفقاتهم الأساسية، فإن العديد من القضايا تتعلق بمبالغ مالية زهيدة لا تفي بحاجاتهم اليومية من طعام و ملابس و تعليم و رعاية صحية. هذه النفقة، رغم أنها ضرورية، غالبًا ما تكون غير عادلة ولا تكفي لضمان حياة كريمة للأبناء، مما يضع العبء الكامل على الأم التي تضطر غالبًا للبحث عن مصادر دخل إضافية، من خلال العمل في وظائف منخفضة الأجر أو حتى الاقتراض من أجل تأمين حياة أفضل لأطفالها.
الشح المالي كأداة ضغط: محاولة للزواج مجددًا من الطليقة
في بعض الحالات، يستخدم الزوج السابق الشح المالي أو التقاعس عن دفع النفقة كأداة ضغط على الزوجة السابقة في محاولة للتحكم في حياتها أو لإعادتها إلى العلاقة. قد يضغط الزوج على المرأة ليقبل أطفالها بمبالغ مالية أقل، محاولًا دفعها للعودة إلى العلاقة لتخفيف المسؤولية المالية.
هذا التصرف يُعتبر نمطًا من السيطرة والاستغلال، حيث يتنصل من واجباته القانونية والأخلاقية تجاه الأبناء، وبدلاً من الوفاء بالتزاماته المالية كأب، يحاول أن يُجبر الزوجة السابقة على الانصياع لطلباته الشخصية عبر إحداث فوضى مالية في حياتها وحياة أبنائها. هذا الوضع يزيد من صعوبة الحياة اليومية للمرأة المطلقة، حيث تصبح الضغوط المالية جزءًا من الابتزاز النفسي الذي يتعرض له الطرف الآخر.
التدخل في شؤون المطلقة: إعاقة استقلالها وحرية اختياراتها
إلى جانب التلاعب المالي، تزداد معاناة المرأة المطلقة حين يتدخل الزوج السابق في حياتها الشخصية وفي علاقاتها الاجتماعية. فمن خلال الوصم الاجتماعي ومحاولة التشهير بها، يسعى البعض إلى إعاقة استقلالها و إضعاف مكانتها في المجتمع. قد يُحاول الزوج السابق التقليل من احترامها أمام معارفها وأفراد عائلتها، حتى يشعر الناس بأنها لا تستحق الثقة أو الاحترام، مما يعزز الضغط النفسي والاجتماعي عليها.
هذه المحاولات قد تشمل الإشاعات أو التشكيك في سلوكها، أو حتى التشهير بعلاقتها مع الآخرين. علاوة على ذلك، قد يتدخل الزوج في قراراتها الشخصية، محاولًا التأثير على علاقاتها الاجتماعية أو المهنية لخلق بيئة غير مستقرة، حتى تظل متقيدة وتابعة له من الناحية النفسية.
عدم احترامها كوسيلة ضغط: نظرة المجتمع والمصير الاجتماعي للمطلقة
يعد الرفض الاجتماعي من بين أصعب العقبات التي تواجه المرأة المطلقة في المجتمع التونسي. حيث يُنظر إلى المطلقة أحيانًا على أنها فاشلة أو مهمشة من قبل بعض أفراد المجتمع، خاصة إذا كانت هناك محاولة للتشهير بها من قبل الزوج السابق. يساهم هذا النوع من النظرة الاجتماعية السلبية في زيادة العزلة الاجتماعية للمطلقة، حيث تُحرم من فرص العمل الجاد أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
يؤدي هذا إلى فرض قيود اجتماعية ونفسية على المرأة، تجعلها تشعر بأنها غير جديرة بالاحترام أو غير قادرة على النجاح. وهذا يزيد من الضغوط المترتبة عليها ويحجم قدرتها على إعادة بناء حياتها.
الحلول المقترحة لتحسين وضع المرأة المطلقة
1. إصلاح قوانين النفقة: يجب أن يتم تعديل القوانين الخاصة بالنفقة بحيث تصبح أكثر عدلاً وتناسب مع حاجة الأبناء الحقيقية. ينبغي العمل على تحديد مبالغ عادلة تأخذ في الاعتبار التكاليف الفعلية التي تتحملها الأم في تربية أبنائها، إضافة إلى حماية حقوق الأطفال في التعليم والصحة.
2. فرض رقابة قانونية على التزام الزوج السابق بالإنفاق: من الضروري أن تتم مراقبة عملية دفع النفقة من قبل الجهات القضائية لضمان أن يتم الوفاء بالالتزامات المالية بشكل صحيح. يجب أيضًا اتخاذ إجراءات قانونية شديدة ضد الزوج الذي يتلاعب بالقوانين ويُحاول التهرب من مسؤولياته.
3. تعزيز دعم المرأة المطلقة: من خلال برامج دعم اجتماعي تقدم المساعدة المالية والمشورة القانونية، وكذلك التدريب المهني لتشجيع المرأة المطلقة على الاستقلال المالي.
4. التوعية المجتمعية: ضرورة مكافحة الوصمة الاجتماعية تجاه المرأة المطلقة وتعزيز الوعي بأن الطلاق لا يعني الفشل بل هو اختيار شخصي في حالات معينة. يجب أن يُنظر إلى المرأة المطلقة بكل احترام ودون تعبيرات تشهير أو تشكيك في قدراتها.
5. تفعيل قوانين الحماية من التشهير: لابد من تعزيز قوانين الحماية من التشهير التي تُسهل على المرأة المطلقة مقاضاة الأشخاص الذين يسعون لتشويه سمعتها عبر نشر الأكاذيب أو التأثير على حياتها الشخصية.
إن وضع المرأة المطلقة في تونس، خاصة عندما تواجه محاولات التلاعب المالي و التدخل في حياتها الخاصة، يمثل تحديًا كبيرًا يجب معالجته من خلال تطوير الإطار القانوني والاجتماعي. تعد التعديلات الضرورية في القوانين من الخطوات الأساسية نحو ضمان حياة كريمة للمرأة المطلقة وأطفالها، مع ضرورة تغيير النظرة الاجتماعية تجاه هذه الفئة لضمان الاحترام والمساواة.