كيف لي
أن أحبّ وأجتبي
نعم الحياة وأشتهي
من يشتري العروبة منَي بجحش
أو ببغل يسير بالخبب
او بفلس إن أردتم أبيعها
أو بحفنة من رديء الرَطب
إنني الآن أحمل نعشي يا أمي
و أنا الجنين الذي يتخبط في الرحم
مذ كنت فكرة و قبل تكويني
راهنت على نصرة بلدي
و رأيتني مشروع شهيد
كنت أسير في دهاليز الموت
عارية الجسد و الصوت
و في يدي اليسرى وردة و في اليد الأخرى كفني
حاولت أن أكسر جدار الصمت
أن أقتلع جذور العمالة و الهوان
و أن ارسم خارطة وطني
لا تجزعي أمي
إنني الآن أحمل نعشي
و كثيرا من الذكريات و ادمعي
و حقائب ملآى بدماء الشهداء
و حفنة تربة من أرضي المخذولة
و علم فلسطين و غصن زيتون
و دعوات المصلين في المسجد الأقصى
لا تحزني أمي
فأنا الآن أحمل على كتفي
حروفي الثكلى
و قصيدة بُترت
و مدينة وُئدت
و أرضي العطشى للنصر و الطهر
لا تحزني أمي
فقد غسّلت جثماني الطاهر
بدموع الأمهات و دماء الشهداء
وقد أخطت كفني
براية النصر وعلم فلسطيني
لا تجزعي أمي
فأنا الآن أُزف عريسا لغزة
للقدس،لبيت لحم و نابلس و كل شبر من الوطن
و أُُرش بماء العزة و المجد و الخلد
بلا هوادة و لا وهن
أجول في الأرجاء
أدخل كل بيت
أتصدر المجلات و النشرات
أحظى بسيول من الدعوات
و تُتلى عليّ آيات الله البينات
أخي،أبي ،أمي
ماوجدت أين أدفن جثماني
ركام،حطام و أشلاء
ملح ،عقم و أكوام من الرفات
و النفايات
أبحث في الأرجاء
أحاول أن أجد أين أعمد اسمي
و اواري جسمي
بلغت أمة العرب
ما وجدت أين أواري جثماني
مراقص ليلية ، كؤوس و أقداح
غانيات، خمارات وسهرات عهر
حجارة لكن في هيئة إنسان
بلاطات ذلة و تواطؤ على الحق
يا عرب ،لا أجد أين أدفن جثماني
أين سأدغن جثماني؟
فادفنوني إذن في ذاكرتكم المهترئة
في نفوسكم العرجاء
في قلوبكم المتكلسة
و في ضمائركم الميتة
أنا الآن أُحمل على الكتف
و أنتم قادة الهوان تتلقفون على الأكتف
أنا الآن أحمل نعشي
و أنتم قادة الذلة تتنازعون على العرش
أنا الآن أقاد إلى رمسي
و أنتم تتسمرون على الكرسي
أنا الآن أُصير إلى القبر
و أنتم ستصدؤون مدى الدهر
نهلة دحمان الرقيق