لم يكن الأوروبيون يحلمون أبداً بأن يعيشوا كابوساً كالذي فرضه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على القارة العجوز خلال عام 2025. منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير، قلب ترامب الموازين باتباعه عقيدته «أمريكا أولاً»، ما عرض الاتحاد الأوروبي لموجة صدمات سياسية وتجارية وأمنية لم يسبق لها مثيل.
من الرسوم الجمركية القياسية على الألمنيوم إلى الابتزاز حول الضرائب الرقمية والتنظيمات، مرورا بالضغط على قادة القارة لقبول وثيقة السلام في أوكرانيا التي تمنح امتيازات لبوتين على حساب كييف، لم تُترك أي ساحة أوروبية دون أن تمسّها «مزاجية» الرئيس الأمريكي.
حقائق مؤلمة عن أوروبا
كشف عام 2025 نقاط ضعف أوروبا بشكل صارخ: اعتماد مفرط على المظلة الأمنية الأمريكية، هشاشة الوحدة الداخلية، وعجز واضح عن اتخاذ القرارات الاستراتيجية. حاول ترامب مراراً مهاجمة مصالح الأوروبيين وإذلالهم دبلوماسياً، ليثبت أن القارة لا تملك القدرة على المواجهة أو الرد على الضغوط الأميركية.
في الحرب على أوكرانيا، لم يتردد ترامب في انتقاد القادة الأوروبيين، واصفاً جهودهم بالقول: «يتحدثون كثيراً لكنهم لا ينجزون شيئاً، والحرب تستمر بلا نهاية».
استعراض القوة والهيمنة
أبرز المشاهد الدبلوماسية لهذا العام كان لقاء ترامب بزيلينسكي، حيث تحولت القمة إلى استعراض نفوذ واضح أمام الشاشات، لتفرض إدارة ترامب شروطها وتضغط على القادة الأوروبيين للقبول بالتنازلات. وحتى بعد قمة ألاسكا مع بوتين، ظهرت أوروبا في حالة إحراج شديد، مع نتائج بدت في صالح موسكو لا كييف.
مرحلة ما بعد اليقين الأمني
لم يعد الدفاع عن أوروبا أولوية أمريكية. وفق استراتيجيات ترامب، ستتحمل القارة وحدها مسؤولية أمنها، مع مطالبات بدفع 5% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل حماية محدودة، في حين تتحول واشنطن من لاعب رئيسي إلى منظم، مع تركيز على بيع الأسلحة الأمريكية.
تصعيد غير مسبوق في التجارة والعلاقات الدولية
عام ترامب شهد تصعيداً غير مسبوق في التجارة مع الاتحاد الأوروبي، ما أجبر بروكسل على إعادة النظر في تحالفاتها واعتمادها المفرط على واشنطن. ذروة الأزمة كانت في يوليو الماضي، حين اضطرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين للسفر إلى منتجع ترامب للغولف لإبرام صفقة أحادية الجانب، فيما أُجبرت أوروبا على فرض سقف رسوم 15% مقابل وعود غير مؤكدة بالدعم الأمريكي.
بضغط ترامب، حُظرت تقنية الجيل الخامس لشركة هواوي في أوروبا، وعلقت المصادقة على اتفاقية الاستثمار الشاملة مع الصين، ما أدّى إلى خسائر اقتصادية كبيرة. وفي ختام العام، هاجم ترامب أوروبا قائلاً: «أعتقد أنهم ضعفاء، وهم أيضاً لا يعرفون ما يفعلونه بشأن التجارة»، مؤكداً أن القارة تسير في «اتجاه خاطئ».
يبدو أن عام 2025 سيكون بمثابة جرس إنذار تاريخي، يدفع أوروبا إلى التفكير بجدية في استقلاليتها ضمن عالم متعدد الأقطاب، بعيداً عن الهيمنة الأمريكية المباشرة.



