في ظلّ تحضيرات الموسم الكروي الجديد، كان من المفترض أن يطّلّ قميص النادي الإفريقي الجديد على الجماهير قبل بداية الموسم بأسابيع، باعتباره عنصرًا حيويًا في تعزيز الروح المعنوية للفريق وتوفير مصدر مالي مهم للإدارة. غير أن التأخير غير المبرر في طرح القميص الرسمي تسبب في استياء واسع بين أنصار “باب الجديد” الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر فرصة اقتناء القميص الجديد لدعم فريقهم.
جذور الأزمة: خلافات قديمة تتجدد
مصادر مطلعة داخل النادي أكدت أن الخلافات الراهنة بين الهيئة المديرة الجديدة، برئاسة الدكتور محسن الطرابلسي، والمزود الرسمي للملابس الرياضية والمغــازة الرسمية، والتي تعود إلى الحرس القديم للنادي، هي السبب الرئيسي وراء هذا التأخير. هذه الخلافات ليست مجرد نزاع إداري بسيط، بل هي تعبير عن صراع أوسع يمتد بين جيلين داخل النادي: جيل الإدارة الحديثة التي تسعى لإحداث نقلة نوعية في تسيير النادي، وجيل الحرس القديم الذي يمتلك أذرعاً ونفوذاً واسعاً، ولا يرحب بسهولة بأي تغيير.
التبعات المالية والفنية
تأخير طرح القميص قبل بداية الموسم لم يؤثر فقط على صورة النادي أمام جماهيره بل أضر أيضًا بالإيرادات المتوقعة من مبيعات القمصان. في ظل الأوضاع المالية الصعبة التي يمر بها النادي الإفريقي، كان من الممكن لهذه المداخيل أن تسهم في التسيير اليومي وتوفير مستلزمات الفريق، لا سيما مع شح السيولة المالية والتحديات الاقتصادية التي تواجهها إدارة النادي.
سيطرة المزود على كل تفاصيل القميص… جودة متدنية وأسعار مشطّة
لا يقتصر تأثير المزود الرسمي على التحكم في موعد جاهزية القميص فقط، بل يمتد ليشمل جودة المنتج الذي عبّر الجمهور عن استيائه منها بوضوح، حيث اعتبرها البعض دون المستوى المطلوب مقارنةً بتوقعات النادي العريق. كما يثير السعر المرتفع للقمصان استياء واسعًا لدى الجماهير، حيث يُعتبر مبلغًا مبالغًا فيه ولا يتناسب مع الإمكانيات الشرائية لمعظم الأنصار. هذه السيطرة الكاملة للمزود على الجودة والأسعار تجعل ملف القميص أكثر تعقيدًا، وتُحجم قدرة الإدارة على التدخل بشكل فعّال لتحسين الوضع.
هل المزود هو المسيطر؟
تثير التساؤلات هل المزود الرسمي للملابس الرياضية هو من يتحكم لوحده في تاريخ جاهزية القميص، أم أن هناك تقصيرًا أو سوء تنسيق من جهة الإدارة؟ وهل يمكن أن يؤدي هذا التمركز في القرار إلى تعطيل مصالح الفريق وأهدافه؟ هذا التساؤل يفتح الباب أمام ضرورة مراجعة نظام التعامل مع المزود وضمان سيطرة أكبر للإدارة على كل ما يتعلق بجاهزية الفريق.
محاولات إشعال الفتنة وتهديد الوحدة
الأكثر إثارة للقلق هو ما أُشيع عن محاولات داخل أروقة النادي لإشعال الفتنة بين الهيئة المديرة والجماهير، عبر بث الشائعات وإثارة الخلافات حول ملف القميص. هذا الأمر يشكل تهديدًا حقيقيًا لوحدة النادي في فترة حساسة، حيث يحتاج الفريق إلى كل طاقته الجماعية لتجاوز صعوبات الموسم الحالي وتحقيق نتائج إيجابية.
صمت الإدارة.. أين المسؤولية؟
ورغم هذه الأزمة التي تهدد الاستقرار الداخلي للنادي، لا تزال الهيئة المديرة برئاسة الدكتور محسن الطرابلسي متحفظة، ولم تتحرك حتى الآن بشكل واضح لحل الخلافات أو التواصل مع الجمهور بشأن أسباب التأخير. هذا الصمت يطرح تساؤلات كبيرة حول أسباب عدم تحرك الإدارة، هل هي خوف من التصعيد؟ أم صراعات داخلية تعيق اتخاذ القرارات؟ أم محاولة لتجنب المزيد من التوتر؟ الجماهير والمراقبون ينتظرون تفسيرات واضحة وحلول فعلية.
سؤال مفتوح: هل يمكن إلغاء التعاقد مع المزود الرسمي؟
وسط تصاعد حدة الخلافات، يطرح العديد من المتابعين سؤالًا جوهريًا: هل بات من الممكن أو الضروري إلغاء التعاقد مع المزود الرسمي للملابس الرياضية والمغــازة التابعة له، خاصة إذا استمر هذا الوضع في عرقلة مصالح النادي المالية واللوجستية؟ هل لدى الإدارة القدرة على اتخاذ هذا القرار الحاسم لمصلحة النادي، رغم الروابط التاريخية للمزود مع الحرس القديم للنادي؟
مطالب الجماهير: شفافية وحسم
الجماهير الإفريقية طالبت الإدارة بالتعامل بشفافية كاملة مع ملف القميص، والإعلان عن أسباب التأخير بشكل واضح وصريح، كما دعت إلى سرعة إيجاد حلول لتجاوز الخلافات وإعادة طمأنة الجمهور. فالنجاح الرياضي لا يكتمل إلا بوجود وحدة إدارية وجماهيرية، وإلا فإن الأزمات الداخلية قد تهدد مسيرة الفريق وتعرقل تطلعاته.
يواجه النادي الإفريقي تحديًا كبيرًا في تحقيق التوازن بين احترام الإرث التاريخي للنادي وتطلعات الجيل الجديد من الإدارة. وتأخير طرح القميص الجديد ليس مجرد أزمة لوجستية، بل هو مؤشر على وجود صراعات أعمق داخل البيت الإفريقي. كيف ستتعامل الهيئة المديرة مع هذه الأزمة؟ وهل ستنجح في فرض سياسة جديدة تعتمد على الشفافية والكفاءة بعيدًا عن النزاعات القديمة؟ الأيام المقبلة ستكون حاسمة، والجماهير على أهبة الاستعداد لمتابعة كل جديد.
