في مشهد بدا وكأنه مقتبس من أفلام الخيال العلمي، نجحت مدينة شنغهاي الصينية في إحياء فكرة "روبوكوب" – الشرطي الآلي – لتتحول القصة التي شاهدها العالم لأول مرة عام 1987 على يد المخرج الأمريكي بول فيرهوفن إلى تجربة واقعية وسط تقاطع مروري صاخب في قلب المدينة.
🤖 "شياو هو": من روبوت إلى شرطي مرور فعلي
ارتدى الروبوت الجديد، والذي أُطلق عليه اسم "شياو هو" (وتعني "النمر الصغير" بالصينية)، زيّ شرطي مرور كامل بخوذة ضخمة وبدلة مضيئة مزودة بإضاءة LED وقماش عاكس، وأخذ يدير حركة المرور في منطقة هوانغبو المزدحمة في شنغهاي، موجهًا أوامر صوتية مثل:
"الضوء الأحمر، يرجى التوقف"
ومستخدمًا إشارات يدوية تقليدية لتنظيم عبور المشاة.
المشهد لم يكن عرضًا ترفيهيًا، بل جزءًا من اختبار ميداني رسمي أجرته إدارة المرور بمكتب الأمن العام في المدينة، ضمن تجربة تعليمية حية حول مستقبل إدارة المرور الذكية.
🎯 مهام تتجاوز إشارات المرور
لم يكتفِ "شياو هو" بتنظيم حركة السير فقط، بل وُظف أيضًا في:
- إرشاد المشاة وتقديم الاتجاهات.
- الإجابة على الأسئلة المتعلقة بقوانين المرور.
- تخفيف الضغط على رجال الشرطة في المناطق المزدحمة والفعاليات الكبرى.
ووفقًا للمسؤولين، فإن هذا المشروع ما زال في مرحلته التجريبية، دون إعلان رسمي عن موعد نشره على نطاق واسع.
🔥 عودة "الروبوتات الشرطية" إلى الواجهة
ما قامت به شنغهاي يعيد فتح ملف الروبوتات في العمل الشرطي، وهو موضوع لطالما أثار الجدل عالميًا، خصوصًا بعد حادثة عام 2016 في دالاس، تكساس، حين استخدمت الشرطة الأمريكية روبوتًا مفخخًا للقضاء على مسلّح قتل خمسة ضباط. وكانت تلك الحادثة أول استخدام قتالي فعلي لروبوت ضمن أجهزة إنفاذ القانون في الولايات المتحدة.
ومنذ ذلك الحين، بقيت الروبوتات تلعب أدوارًا محدودة – من فحص الطرود المشبوهة إلى دعم مفاوضات الرهائن – لكن من دون أن تتجاوز الخط الأحمر نحو الاستخدام الميداني العلني كما فعلت شنغهاي مؤخرًا.
🚦 روبوكوب الحقيقي... مجرد بداية؟
من الواضح أن ما بدأ كفيلم عن ديترويت تنهار تحت فوضى الجريمة تحول اليوم إلى واقع في شنغهاي التي تُراهن على الذكاء الاصطناعي والروبوتات لتنظيم الحياة الحضرية.
ولأن شرطي اليوم – "شياو هو" – لا يحمل سلاحًا، بل تعليمات رقمية وابتسامة آلية، فإن هذه الخطوة قد تكون نموذجًا حضاريًا جديدًا لدمج التكنولوجيا في الشوارع، من دون تهديد مباشر لحياة المواطنين.
🧠 هل هو مجرد تنظيم مرور... أم بداية تغيير شامل؟
شنغهاي لم تخترع الشرطي الآلي، لكنها جعلته يمشي بين الناس، يتحدث، يوجه، ويراقب... بكل هدوء.
المستقبل بات أقرب مما نعتقد، وفي المرة القادمة التي تعبر فيها الطريق في مدينة ذكية، قد لا تكون العيون التي تراقبك بشرية، بل دوائر كهربائية تحمل على عاتقها فرض النظام... بكفاءة غير قابلة للرشوة أو الخطأ.
روبوكوب لم يعد مجرد بطل شاشة، بل زميل في حركة المرور.
