غيب الموت، مساء امس الثلاثاء 10 جوان 2025، المخرج والباحث السينمائي علي العبيدي عن سنّ تناهز 75 عامًا، بعد مسيرة فنية وأكاديمية حافلة بالعطاء والبحث والتجريب.
وُلد الراحل في مدينة الرديّف يوم 10 فيفري 1950، وتخرّج بشهادة الماجستير في صناعة الأفلام من العاصمة الرومانية بوخارست، قبل أن يعود إلى تونس ليساهم في تكوين أجيال من طلبة الفن السابع، مدرّسًا منذ سنة 1981 لعدة موادّ في الجامعات التونسية، أبرزها علم الجمال، والكتابة السينمائية، وتحليل النصوص الدرامية.
لم يكن العبيدي مجرّد مخرج، بل كان أيضًا مفكرًا في السينما والنقد والمسرح، حيث ألّف كتابين مهمّين هما "كتابات عن النقد والمسرح التونسي" (1992)، و*"فيما يتعلق... أم البحث عن الروح الخفية"* (2004)، وترك مخطوطة غير منشورة بعنوان "من كلمة إلى صورة"، تعكس رغبته الدائمة في تفكيك العلاقة بين الأدب والصورة.
في رصيده الإبداعي، أخرج أربعة أفلام قصيرة، منها "رسالة إلى بشير خريف" و"سينما قليبية"، وأبدع في ثلاثة أفلام روائية طويلة، كان أبرزها "الرديف 54"، الذي يعتبر شهادة سينمائية مؤثرة عن قمع الحركات الاجتماعية في الجنوب التونسي.
كان علي العبيدي مخرجًا مثقفًا، وصوتًا سينمائيًا حرًا لم يُهادن السلطة ولا السوق، وانتمى إلى مدرسة السينما البديلة التي تؤمن بأن الصورة أداة مقاومة وتنوير.
برحيله، تفقد الساحة الثقافية أحد أبرز وجوهها النقدية والفكرية والسينمائية، وتفقد الرديف ابنها الذي ظل وفيًّا لذاكرتها.
رحم الله الفقيد، وأسكنه فراديس جنانه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.