🔹 الممثل الكبير يكشف سرّ غيابه عن الشاشة ويتحدث عن واقع الدراما التونسية ورهانات المستقبل
يُعدّ صالح الجدي واحدًا من أبرز الوجوه التي صنعت مجد الدراما التونسية على مدى عقود، بفضل قدرته على التقمّص العميق للشخصيات التي يؤديها، وصدقه الفني الذي لامس وجدان المشاهدين.
من المسرح إلى التلفزيون، ظلّ الجدي وفيًا لرسالة الفن النبيل، مقدّمًا أعمالاً راسخة في ذاكرة الدراما الوطنية.
في هذا الحوار الصريح مع مجلة توانسة، تحدّث الفنان الكبير عن أبرز محطات مسيرته، وعلّل أسباب غياب بعض النجوم عن الشاشة، كاشفًا عن رؤيته الخاصة لتطوير الدراما التونسية، ومعلنًا عن مشاريع جديدة في الأفق.
🎭 الممثل الكبير صالح الجدي: هذا هو الحل لتطوير أعمالنا الدرامية...!
سليم:
▪ الممثل الكبير صالح الجدي، ماذا بقي في البال من الأدوار التي قمت بها في هذه المسيرة الدرامية الحافلة؟
صالح الجدي:
أكيد سليم، كلها في البال... كل عمل هو تجربة مختلفة، مع فريق مختلف، وفي وقت مختلف.
مسلسل "عيشة" مثلًا، استغرق تصويره ثلاثة أشهر مع فريق يضمّ ما لا يقلّ عن 100 شخص. كل تجربة تضيف لمسيرتي وتترك أثرًا جميلًا في الذاكرة، سواء مع الممثلين أو التقنيين، كما تمنحني فرصة لاكتشاف مواهب جديدة أفرح بها لأنها تثري تجربتي وتقدّم الإضافة للمشهد الدرامي.
الأعمال التونسية صنعت جيلاً من النجوم الموهوبين، وكان لهم دور كبير في تعزيز تجربتي وتطويرها.
سليم:
▪ لو نتحدث عن آخر عمل درامي تلفزي شاركت فيه؟
صالح الجدي:
تجربتي الأخيرة كانت في مسلسل "وادي البي" السنة الفارطة، وكانت تجربة مميزة جدًا بعد فترة انقطاع عن التلفزة.
وجدت نفسي مجددًا بين أصدقائي: وجيهة الجندوبي، يونس الفارحي، سوسن معالج، علي الخميري، نادرة لملوم... وغيرهم من الوجوه التي جمعتني بها صداقات طويلة.
كما كانت هناك أسماء شابة متميزة مثل محمد علي التونسي ويسرى مسعودي، وقد قدّموا أداءً رائعًا وأعطوني دفعة جديدة من الحماس.
سليم:
▪ كيف تفسر غياب نجوم الدراما التونسية الذين نجحوا نجاحًا ساحقًا في السابق عن الأعمال الجديدة خلال السنوات الأخيرة؟
صالح الجدي:
الغياب يعود أساسًا إلى قلة الإنتاج الدرامي. عندما يقلّ عدد الأعمال، تقلّ الفرص، وبالتالي تختفي بعض الوجوه التي كانت تصنع الفارق.
لمشكل الأعمق هو أننا ما زلنا نشتغل بعقلية الإنتاج المحلي، بينما المطلوب اليوم هو التحوّل إلى عقلية التوزيع.
عقلية الإنتاج المحلي ضرورية للحفاظ على الهوية الوطنية، لكن تطويرها نحو عقلية توزيع سيجعلنا نخلق أعمالاً تخاطب المشاهد العربي والعالمي، وتفتح سوقًا جديدة لتسويق الدراما التونسية.
حينها سنرى ممثلينا في ثوب جديد ضمن أعمال عربية وعالمية، دون أن نفقد خصوصيتنا التونسية.
كما أنني شخصيًا كنت منشغلًا بإدارة مركز الفنون الدرامية والركحية بقابس، ما جعل تركيزي الأكبر خلال السنوات الأخيرة منصبًا أكثر على المسرح، الذي كان هوسي الأول.
سليم:
▪ أستاذ صالح الجدي، ما هو جديدك الفني في الفترة القادمة؟
صالح الجدي:
هناك اقتراحات لأعمال درامية جديدة من المنتظر أن تُعرض خلال شهر رمضان المقبل إن شاء الله.
في الأثناء، أواصل تكوين الشباب في مختلف الجهات، ولديّ هذا الأسبوع ورشة في بني خداش، إلى جانب مساهمتي في تنظيم تظاهرات فنية مثل المهرجان الدولي للسينما في الصحراء بقصر غيلان، إلى جانب صديقي المخرج حافظ خليفة ووليد دبوني.
أما على الصعيد الشخصي، فأعمل حاليًا على مشروع درامي يتناول العلاقات الزوجية، ومن المنتظر أن يرى النور في بداية سنة 2026... وسيكون لك أنت السبق في الإعلان عنه حالما يجهز (يضحك).
سليم:
▪ كلمة الختام، الممثل الكبير صالح الجدي...
صالح الجدي:
أشكرك سليم جزيل الشكر على هذه الدردشة الجميلة، وأشكر مجلة توانسة على هذه الاستضافة اللطيفة.
تحياتي لك ولكل القرّاء، وإلى اللقاء في أعمال قادمة بإذن الله.
🔹 تحليل صحفي قصير:
يؤكد الحوار مع صالح الجدي أن الدراما التونسية تواجه اليوم تحديات كبيرة، أبرزها قلة الإنتاج وضعف انتشار الأعمال على المستوى العربي والدولي.
الجدي يرى أن الحل يكمن في التحوّل من عقلية الإنتاج المحلي إلى استراتيجية توزيع أوسع، ما سيسمح بتقديم أعمال تونسية بجودة عالية، مع الحفاظ على الهوية الثقافية، وتوسيع سوق العمل للممثلين الشباب.
كما يبرز دوره المستمر في تكوين الأجيال الجديدة ودعم المسرح، مما يعكس التزامه بالمشهد الفني الوطني والارتقاء به نحو آفاق أوسع.