كما في الصخب الذي رافق ديبلوماسية وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف لانجاز اتفاق وقف النار، تبدو إيران غائبة أيضاً، أقله إعلامياً، عن الضجيج المرافق للهجوم على حلب.
فمنذ تبدد الامال في نيويورك بامكان احياء اتفاق وقف النار في حلب، بدا أن السوريين والروس انتقلوا الى الجزء الأكثر طموحاً من استراتيجيتهم وهو اجتياح الشطر الشرقي من حلب الذي تسيطر عليه المعارضة. ومع ورود تقارير عن حشود وأسلحة روسية جديدة وتعزيزات للنظام، كثرت التساؤلات عن دور إيران في المعركة.
ففي ما خص اتفاق وقف النار الاميركي الروسي، بدا واضحاً أن إيران لم تكن راضية عنه. وأبدى الجنرال الجنرال يحيى رحيم صفوي، المستشار العسكري للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي استياءه الأسبوع الماضي من اتفاق أميركي- روسي "يجري تحت الطاولة ويتجاهل مصالح إيران"، معرباً عن تخوفه من أن يخدع الأميركيون الروس في هذا الاتفاق، بما يحقق المصالح الأميركية ويتجاهل مصالح إيران في سوريا.
وتبرز هذه الشكوك الايرانية بعد سجال داخلي حول احتمال عودة فتح قاعدة همدان الجوية الإيرانية أمام المقاتلات الروسية عقب انتقادات طرحت حول انتهاك السيادة الإيرانية، ومخالفة المادة 146 من الدستور الإيراني التي تمنع منح أي قاعدة عسكرية للأجانب حتى لو كانت لأغراض سلمية.
ومع استمرار النقاشات في شأن شأن أهمية التحالف الروسي-الايراني، وخصوصاً في ظل تضارب المصالح بين الجانبين في سوريا، بدا لافتاً قول صفوي إن "الثقة لا معنى لها في عالم السياسة، ولذا على إيران أن تلاحظ مصالحها في هذا العالم".
ولكن مصالحها تفترض بالطبع دوراً في معركة حلب المفترض أنها ستكون حاسمة في النزاع المستمر منذ أكثر من خمس سنوات ونصف سنة.
من هذا المنطلق، من الطبيعي أن تكون الميليشيات التابع لها حاضرة بقوة على أرض المعركة في ظل الانهاك الكبير الذي يعانيه الجيش السوري.
حشود أجنبية
وفيما تواجه حلب الشرقية أعنف الغارات منذ أيام، تتوالى التقارير عن حشود برية استعداداً لهجوم واسع.
ونقل موقع "فوكس نيوز" عن مسؤولين أميركيين أن قوة برية أجنبية تتجه الى المنطقة، موضحين أن نحو ثلاثة آلاف مقاتل مدموعين من إيران وصلوا الى حلب لدعم قوات النظام في معركته لسحق المعارضة.
ومن جهتها، أفادت صحيفة "الغادريان" مساء اليوم أن جيشاً من المقاتلين الموالين للنظام السوري، من الميليشيات العراقية والأفغانية و"حزب الله" تجمع في ضواحي حلب استعداداً لما يبدو تقدماً سريعاً وحاسماً.
فالى مئات من الجنود السوريين، تقول الصحيفة إن نحو خمسة آلاف مقاتل أجنبي سيضطلعون بدور في المعركة المفترض أنها ستكون حاسمة.
ويبدو أن هذه الحشود تستهدف خصوصاً أحياء السكري والشيخ سعيد والعامرية. فالهدف الاساسي يكمن حالياً بالنسبة للقوات الموالية للنظام في تأمين طريق الراموسة لتطويق الأحياء الباقية من حلب الشرقية.
وكانت قناة "النجباء" العراقية بثت صوراً تُظهر زعيم ميليشيا "النجباء" الشيعية أكرم الكعبي يتجول في جبهات القتال في ريف حلب الجنوبي.
وقال الكعبي في شريط مصور إن زيارته لحلب تأتي في إطار مشاركته في الحرب ضمن "محور مقاومة الاحتلال والاستكبار العالمي المدعوم من دول وهابية وتكفيرية".
وأشاد أمام أنصاره بقتالهم بعيداً من وطنهم. وتحدث عن معارك منطقة العيس في ريف حلب الجنوبي قائلا إنهم حرروها، ومؤكداً أن سقوطها في السابق في يد المعارضة لم يكن ليتحقق لو "كنا موجودين لمرغنا أنف الأعداء بالتراب".
وتداول ناشطون سوريون في مواقع التواصل الاجتماعي صور وصول الكعبي إلى مطار حلب.
وكان الجنرال رحيم صفوي حرص على إبراز الدور الميداني لايران في سوريا، لافتاً إلى أن القوى الرئيسة التي تدير المعارك في سوريا هي القوات السورية والإيرانية و"حزب الله". وذهب إلى تقليل أهمية "الاسناد الجوي" الروسي في معركة حلب، قائلاً إن "انتصارات عدة على غرار السيطرة على حلب لم تكن ممكنة من دون التحركات على الأرض ومع دعم جوي فحسب"، ومستدركاً أن "الاسناد الجوي الروسي كان مؤثراً بالطبع، ولكن القوات البرية توفر لهم المعلومات الاستخباراتية التي تحدد مثلاً هوية الارهابيين في كل منطقة".
ويقول أمير توماجي، المحلل في مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات إن ثمة حقيقة في هذه التصريحات، ذلك أن قوة التدخل التي يقودها الحرس الثوري الإيراني والتي تضم عملاء من العراق ولبنان وأفغانستان وباكستان كانت أساسية في تطويق الشطر الشرقي من حلب في أواخر تموز، وإعادة فرض الحصار على المدينة في أيلول بعدما تمكن تحالف من إسلاميين وسلفيين ومقاتلين آخرين من كسر الحصار الأول مطلع آب، وإن تكن الحملة الجوية الروسية المكثفة كانت عاملاً حاسماً".