في مناظرة فجر الأثنين بين كلينتون وترامب غاب موضوع النزاع الفلسطيني الاسرائيلي وحضر الموضوع السوري
وسائل الإعلام الأمريكية تتعامل بسرعة مع المناظرة الرئاسية الثانية بين كلينتون وترامب فجر الأثنين باستخلاصها ان دونالد ترامب قدم عرضا جيدا يمنحه الهدوء في الأيام المقبلة. ولكن من غير الواضح إذا كان الشعب السوري سيحظى بذات الهدوء في الأيام المقبلة.
لم ترد كلمة "سوريا" في المناظرة الاولى ولو مرة واحدة، ولكن في ساعات الصباح الباكر، حسب توقيت دول الشرق الأوسط، عادت سوريا وبقوة الى محور المناظرة. وإذا كان رمز الشرق الأوسط في المناظرة الأولى، هو الاتفاق النووي مع إيران، فإن الأنظار تخطت هذه المرة إيران متجها نحو الغرب منها ولم تحط في إسرائيل او فلسطين، بل حطت في سوريا. والنزاع الإسرائيلي الفلسطيني لم يكن حاضرا في المناظرة الأولى بين المرشحين ولم يحضر كذلك في المناظرة الثانية فجر الأثنين كذلك. وهذا خير دليل، مرة أخرى، على مدى انصراف الاهتمام بالسياسة الامريكية في الشرق الأوسط.
وفيما يخص سوريا، فإن اهم ما قاله دونالد ترامب إن على الولايات المتحدة محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، واكتفى بهذا القول. لقد غفل ترامب عن المعارضة السورية - وعلى اي حال فنحن لا نعرف من هم المحسوبون على هذه المعارضة. فإذا كان الروس يحاربون تنظيم الدولة الإسلامية فإن هذا يجعلهم يقفون في نفس الخندق الأمريكي، وهذا مما يمنح الموقف الإيراني مزيدا من القوة. ولكن التصدي للقوة الإيرانية، غاب هو الآخر عن منذ الاتفاق النووي لأوباما وكلينتون مع إيران.
أما بالنسبة لهيلاري كلينتون، فهي ترى تسليح المعارضة وفرض مناطق حظر الطيران، ولكن بدون تدخل بري للقوات الأمريكية هو ما سيؤدي الى مخرج للأزمة إضافة الى تسليح الأكراد المثير للجدل الذي لن يحظى باستحسان تركيا. ويتلخص قول كلينتون في ان على الولايات المتحدة مواجهة روسيا، بما في ذلك من خلال توجيه الاتهام اليها بارتكاب جرائم حرب.
تكمن المشكلة في هذا كله، لدى كلا المرشحين، في أنه لا شيء من كل ذلك يتوقع له أن النجاح. في هذه الناحية من المرجح ان لا تجد إسرائيل ما يخدم مصالحها بالكامل، بينما من وجهة النظر الأمريكية، فإن غياب الأمور المتعلقة بإسرائيل بمثابة رسالة واضحة مفادها: ان الحرب السورية هي الصراع المعقد الذي لا حلول واقعية له. وسيتم عند البحث لها عن حلول الاخذ بعين الاعتبار مصالح الولايات المتحدة التي قد تتطلب الغزو على شاكلة غزو العراق لكن تكاليف هذا تفوق الفوائد المرجوة منه.
بدلا من ذلك، فقد قدم المرشحان للمشاهدين مشهدا من مسرح "الكابوكي" في المحاور التي تناولاها. كلينتون قالت إن ترامب مرن التعامل مع روسيا. بينما قال ترامب إن كلينتون مرنة التعامل مع داعش.
وانتقل الخلاف في التوجهات من المناظرة الى خلاف حول محاربة الإرهاب، حول هل ينبغي أن تكون مكافحة الإرهاب محور سياسة الولايات المتحدة وسياسة الغرب في الشرق الأوسط، وفقا لموقف ترامب؟ أم أنه من الأولى الاخذ بعين الاعتبار الظروف الجيوسياسية والصراعات القوية، وفقا لطرح كلينتون؟
سؤال ثقيل لم يحصل على إجابة. ولكن لا أحد يساعد الشعب السوري. بالنسبة لهم، لا أحد يملك أي إجابات، ربما لأنه ما من إجابة لمثل هذا السؤال الثقيل.
خلاصة المناظرة منحت دونالد ترامب الهدوء ليوم إضافي، ولكن ليتها منحت نفس الهدوء لشعب سوريا.
