انتظم اليوم الأربعاء بتونس ملتقى للاعلان ،عن نتائج المسح الوطني للهجرة في تونس، الذي أنجزه المعهد الوطني للإحصاء بالتعاون مع المرصد الوطني للهجرة وبدعم من المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة.
وشمل المسح الوطني للهجرة، الأول من نوعه في تونس، ثلاث فئات من المهاجرين وهم، غير المهاجر وهو المواطن التونسي الذي لم يسبق له الهجرة إلى الخارج، والمهاجر التونسي الحالي، والمهاجر العائد من الخارج إلى تونس، والأجانب المقيمين في تونس.
ويهدف هذا المسح أساسا إلى توفير قاعدة بيانات ومؤشرات من شأنها دعم نظام المعلومات في مجال الهجرة للمساعدة على فهم طبيعة الهجرة الدولية وخصائص المهاجرين وأسباب الهجرة ودوافعها.
وقالت مديرة مشروع المسح الوطني للهجرة بتونس بالمعهد الوطني للإحصاء نادية الطويهري إن المسح يمثل خطوة هامة لمعرفة ملامح المهاجرين وتحديد رؤية ملموسة عن الخصائص المختلفة للمهاجرين.
وأفادت أن الهدف من المسح الذي انطلقت أشغاله الميدانية في جويلية 2020 هو إرساء حوكمة وسياسات عمومية أكثر نجاعة في مجال الهجرة، حاثة صناع القرار على الاستئناس بنتائجه حتى لا يبقى حبرا على ورق.
غير المهاجرين
وحول أبرز النتائج التي كشفها المسح، قالت نادية الطويهري إن قرابة 20 بالمائة من فئة غير المهاجرين، أي التونسيين الذي تتجاوز أعمارهم 15 سنة ولم يغادروا تراب البلاد، لديهم نية للرحيل من تونس، مشيرة الى ان هذه النسبة تمثل عدديا 1 مليون و700 ألف تونسي.
وشرع، خلال إنجاز المسح، 14 بالمائة من التونسيين الذين ينوون مغادرة تراب البلاد، في القيام بخطوات فعلية للبحث عن طرق للهجرة سواء عبر البحث عن الحصول على تأشيرة أو تعلم اللغات أو البحث في الإنترنت، للاقامة بالخارج وأساسا أوروبا بحكم علاقاتهم العائلية أو أصدقائهم بالدول الأوربية.
وأكدت نادية الطويهري أن النسبة الساحقة من التونسيين الذين لديهم نية للخروج من تراب البلاد هو من الشباب ممن يتراوح سنهم بين 15 و24 عاما. وقالت "من بين شابين هناك شاب ينوي في الحقيقة الهجرة وهو مؤشر خطير".
المهاجرون الحاليون
وأظهر المسح ان عدد المهاجرين الحاليين يقدر بحوالي 566 ألف شخص، وهم التونسيون البالغون أكثر من 15 عاما والذين كانوا يقيميون في تونس وتحولوا للاقامة حاليا بالخارج وما زالت لديهم علاقات وأواصر قوية بتونس ويمثلون جزءا من جميع التونسيين المقيمين بالخارج.
وقالت نادية الطويهري إن ثلاثة أرباع المهاجرين الحاليين يقيمون بدول أوروبية وأساسا فرنسا وإيطاليا وألمانيا. أما عن مكان إقامتهم الأصلية بتونس فيتمركز ثلاثة أرباعهم بإقليم الشمال الشرقي وتونس الكبرى والوسط الشرقي، أي بالمناطق الساحلية أساسا.
وقد غادر نصف المهاجرين الحاليين تقريبا من أجل البحث عن عمل وتحسين دخلهم، في حين كان التجمع الأسري السباب الرئيسي لمغادرة ثلثي المهاجرات.
وحول هجرة أصحاب الشهائد العليا قالت مديرة مشروع المسح الوطني للهجرة إن هجرة ذوي المستوى التعليمي العالي قد عرفت تسارعا في نسقها خلال السنوات الأخيرة، حيث غادر 39 ألف مهندس و3300 طبيب البلاد بين 2015 و2020 من أجل فرص عمل بالخارج.
وتتمثل أهم القطاعات المشغلة للمهاجرين الحاليين في قطاع البناء والايواء والمطاعم والتجارة ثم يأتي بعد ذلك قطاع الصناعة التحويلية والفلاحة والصيد البحري.
وفي ما يخص الاستثمارات بتونس بالنسبة للمهاجرين التونسيين الحاليين الذين يمثلون جزءا من التونسيين المقيمين بالخارج، فقد صرح واحد على عشرة مهاجرين حاليين أنه قام باستثمار في تونس.
وتتعلق هذه الاستثمارات أساسا في العقارات والفلاحة والتجارة، إلا أن تنفيذ هذه المشاريع واجه عديد الصعوبات في تونس، حسب تصريح المهاجرين، بسبب الإجراءات الإدارية المعقدة، والفساد والمحسوبية.
المهاجرون العائدون
أما بخصوص المهاجرين العائدين، وهم المهاجرون التونسيون الذي قضوا سابقا لفترة تزيد عن ثلاثة أشهر بالخارج ثم عادوا إلى تونس، فقد بلغ عددهم حسب هذا المسح 221 ألف شخص (176 ألف من الرجال و35 ألف من النساء).
وقد استقر المهاجرون العائدون، وأغلبهم من الذكور رغم تطور نسبة المهاجرات في السنوات الأخيرة، بثلاثة أقاليم وهي تونس الكبرى والوسط الشرقي والجنوب الشرقي، أي بالشريط الساحلي أساسا.
وحول أسباب العودة إلى تونس قالت مديرة مشروع المسح الوطني للهجرة إن هناك مهاجر على اثنين صرّح أنه عاد من تلقاء نفسه لأسباب عائلية كالزواج، وتجميع العائلة، أو دراسة الأبناء، أو لبلوغ سن التقاعد.
بينما صرح البقية أن عودتهم إلى تونس لم تكن إرادية وإنما فرضتها الظروف في بلدان المهجر أو لنهاية العلاقة التعاقدية أو إثر عملية ترحيل، وفق ما أفادت به الطويهري.
المقيمون الأجانب بتونس
كما كشف المسح الوطني حول الهجرة عن وجود 59 ألف أجنبي مقيم في تونس من مختلف الجنسيات. ويمثل الوافدون من بلدان المغرب العربي 37 بالمائة من هؤلاء الأجانب والوافدون من بقية البلدان الافريقية 36,4 بالمائة ومن الدول الأوروبية 18,5 بالمائة.
وقد ارتفع عدد الوافدين من البلدان الإفريقية غير المغاربية في السنوات الأخيرة من 7200 شخص خلال سنة 2014 إلى 21.466 عند إجراء المسح، حسب مديرة مشروع المسح الوطني للهجرة.
وتعرف هذه الفئة تمركزا جغرافيا كبيرا حيث يقطن قرابة 80 بالمائة بتونس الكبرى أو بالوسط الشرقي، أي بالشريط الساحلي بفضل ما تمتاز به هذه المناطق من بنية تحتية وفرص للعمل وخدمات أساسية ومؤسسات للتعليم العالي.
وقد صرح الوافدون الأجانب أن قدومهم إلى تونس راجع الى ثلاثة أسباب رئيسية وهي التجمع العائلي والحصول على عمل والدراسة. وقد أظهرت نتائج المسح أن 6 من 10 مقيمين أجانب ينوون البقاء في تونس.