بعد مرور ما يقارب الأربع سنوات على الحرب الروسية الأوكرانية، بدأت بعض العواصم الأوروبية، وإن بحذر، تقبّل حقيقة مرّة مفادها أن أوكرانيا قد تضطر إلى التنازل عن أراضٍ إذا أرادت فعليًا إنهاء الصراع، وفق ما كشفت صحيفة EL PAIS الإسبانية.
تقرير الصحيفة يشير إلى أن الاجتماعات التي جرت داخل بروكسل ناقشت فكرة "الحل الواقعي" القائم على التفاوض مع موسكو، حتى لو كان الثمن قبول كييف بالتخلي عن بعض الأراضي التي سيطرت عليها روسيا خلال السنوات الماضية. هذا الطرح، رغم أنه غير معلن رسميًا، إلا أنه بدأ يجد طريقه تدريجيًا داخل الأوساط الدبلوماسية الأوروبية.
ويرجع هذا التحوّل إلى إرهاق طويل عانت منه أوروبا اقتصاديًا وعسكريًا، إضافة إلى القلق من استنزاف طويل قد يضع القارة في موقع ضعف أمام روسيا. ويشير التقرير إلى أن بعض المسؤولين الأوروبيين يعتبرون أن القارة بحاجة إلى "خطة أوروبية للسلام" بدلاً من انتظار مبادرات أمريكية متعثرة.
الموقف الأوكراني: رفض قاطع للتنازلات
من جهتها، تؤكد أوكرانيا رفضها المطلق لأي مناقشة حول التخلي عن أراضٍ، معتبرة أن أي تنازل سيكون اعتداءً على سيادتها ومنحًا لروسيا الانتصار في الميدان.
إلا أن الصحيفة تشير إلى انقسام واضح داخل أوروبا بين من يرى ضرورة وقف الحرب سريعًا عبر التسويات، وبين من يحذر من أن سلاماً يعتمد على التضحية بالأرض قد يرسل إشارة خاطئة لموسكو ويهدد الأمن الأوروبي مستقبلاً.
مع استمرار الحرب في عامها الرابع، يبدو أن أوروبا تدخل مرحلة أكثر صراحة وواقعية في التعامل مع الصراع، حيث يُطرح التنازل عن الأراضي كاحتمال مطروح للنقاش، لكن القرار النهائي يبقى بيد كييف التي تصر على أن أي "سلام مفروض من الخارج" غير مقبول.
ختامًا، تظل الحرب الأوكرانية واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا في السياسة الدولية، حيث تتقاطع الواقعية السياسية الأوروبية مع ثوابت السيادة الأوكرانية، في مواجهة تهديد روسي مستمر لم يبدُ أن نهايته قريبة.



