بعد خمس سنوات من العمل المكثف وبميزانية بلغت 220 مليون دولار، عاد متحف "فريك كوليكشن" ليأخذ مكانته المرموقة في عالم الفن والمتاحف، مؤكداً على نجاح فلسفته الفريدة في "تغيير كل شيء ليبقى كل شيء على حاله". هذا الحدث، الذي تمثل في إعادة افتتاح المتحف في أبريل الماضي، جاء في وقت تتسابق فيه المؤسسات الفنية العالمية على تنفيذ توسعات ضخمة لجذب المزيد من الزوار، لكنه تميز بالحرص على الحفاظ على الأصالة والروح التاريخية للمتحف.
تأسس المتحف بفضل مجموعة هنري كلاي فريك، رجل الأعمال الذي ترك مجموعته الفنية وقصره المطل على سنترال بارك في مانهاتن وصية للجمهور عام 1919، حيث بدأ استقبال الزوار منذ 1935. منذ ذلك الحين، توسعت المجموعة بشكل كبير لتضم أعمالاً أوروبية تمتد من القرن الثالث عشر وحتى القرن العشرين.
أغلق المتحف أبوابه منذ بداية 2020 بسبب جائحة كورونا وأعمال الترميم طويلة الأمد، وخلال فترة الإغلاق عُرضت أهم مقتنياته مؤقتاً في مبنى حديث كان مقراً سابقاً لمتحف ويتني للفن الأمريكي.
الترميم شمل إضافة 27,000 قدم مربعة من المساحات الجديدة للعرض الدائم والمعارض المؤقتة، ما رفع نسبة الأعمال المعروضة من 25% إلى 47%. وتضمن ذلك إعادة توزيع اللوحات الفنية الشهيرة، وإبراز قطع كانت مخزنة سابقاً، مما أتاح للجمهور فرصة جديدة لاكتشاف المجموعة.
من أبرز الأعمال المعروضة لوحة "لويز، دوقة برولي" للفنان جان أوغست دومينيك إنغر، التي تلقت إضاءة حديثة في "غرفة الجوز" الجديدة، إلى جانب لوحات رامبرانت وهانز هولباين الأصغر.
شهد المتحف أيضاً تحديثات في استوديوهات الحفظ والمكتبة، مع عناية دقيقة لإعادة إنتاج الأقمشة والستائر الأصلية التي زينت القصر قبل أكثر من قرن، بالإضافة إلى ترميم السقف الذي يحمل جدارية صينية من رسم الفنان ج. ألدن تواتشتمان.
بلغت تكلفة التجديد المباشرة 220 مليون دولار، وهي أقل بكثير من مشاريع تجديد متاحف كبرى أخرى مثل المتروبوليتان أو متحف لوس أنجلوس، مما يعكس التخطيط الدقيق والفعالية في إدارة المشروع.
بإعادة افتتاحه، يقدم متحف "فريك كوليكشن" نموذجاً مثالياً للمؤسسات الفنية التي تسعى إلى التوسع والتحديث دون المساس بروحها وتراثها، محافظاً على مكانته كواحد من أهم المتاحف الفنية في العالم.
