في لحظة نادرة تُعيد طرح سؤال الضمير القضائي في تونس، وجّهت خديجة عودية، المحامية الفرنسية وعضو منظمة "دفاع بلا حدود"، رسالة مفتوحة إلى قضاة تونس عشية محاكمة القاضي السابق أحمد الصواب، المقرّرة ليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025 بقصر العدالة بالعاصمة.
الرسالة، التي حُمّلت بمعانٍ إنسانية وأخلاقية عميقة، تجاوزت حدود القضية لتلامس جوهر العدالة ذاتها، إذ خاطبت عودية القضاة قائلة:
“إنها ليست مجرد محاكمة لرجل، بل اختبار لحرية القضاء وكرامة الكلمة.”
المحامية الأوروبية شددت على أن حضورها وزملاءها في تونس “ليس لإعطاء الدروس بل للمشاركة”، مؤكدة أن المحامين لا يعرفون الحدود، وأن رسالتهم العالمية هي الدفاع عن كرامة الإنسان.
وفي كلمات مؤثرة، قالت:
“الغرور يتحدث بصوت عالٍ ويسحق الآخرين، أما الفخر فيستمع ويعترف بقيمة كل شخص.”
الرسالة لم تُخفِ قلقها من تأثير السلطة السياسية على العدالة، مذكّرة بما كتبه ألبير كامو:
“القضاة يطبقون حكم الشعب، لكن السلطة تصنع الرأي العام.”
ووجّهت المحامية نداءً مباشراً إلى القضاة التونسيين قائلة:
“قراركم سيقول أكثر من الوقائع، سيقول رؤية: هل تختار العدالة التونسية فخر الكرامة أم غرور السلطة؟”
واعتبرت أن رفض الأستاذ أحمد الصواب المحاكمة عن بُعد هو “اختيار إنساني شجاع”، يذكّر بأن العدالة الحقيقية لا يمكن أن تُمارَس دون حضور النظرة والجسد والكلمة، لأن "العدالة بلا نظرة تصبح آلة بلا روح".
وختمت عودية رسالتها بنداء وجداني جاء فيه:
“انظروا في عيني أحمد الصواب، ستجدون فيها جزءًا من أنفسكم... جزء القاضي، وجزء الإنسان، وجزء المؤمن بعدالة البشر رغم الرياح المعاكسة.”
بهذه الرسالة، يعود النقاش في الأوساط القانونية والحقوقية إلى الواجهة:
هل ما تزال العدالة التونسية قادرة على الحفاظ على استقلالها وسط العواصف السياسية؟
الإجابة، كما تقول خديجة عودية، ستُكتب في قرار المحكمة، وفي ضمير من لا يزالون يؤمنون بأن العدالة آخر حصن للكرامة.



