في تطور قضائي غير مسبوق، اقتربت العدالة الفرنسية من توجيه أصابع الاتهام مباشرة لرأس النظام السوري، حيث طالب الادعاء العام الفرنسي لمكافحة الإرهاب، في مذكرة قضائية صدرت يوم 7 جويلية الجاري، بتحديد مكان نحو عشرين مسؤولًا في النظام السوري، على رأسهم بشار الأسد، وذلك في إطار التحقيقات بجرائم ضد الإنسانية تعود إلى عام 2012.
القضية التي تُعيد فتح جراح الصحفيين المغتالين في سوريا، تتمحور حول القصف الدموي على مركز الصحافة في حي بابا عمرو بمدينة حمص، والذي أسفر عن مقتل الصحفية الأمريكية ماري كولفين والمصور الفرنسي ريمي أوشليك، وإصابة صحفيين آخرين، من بينهم الفرنسية إديث بوفييه.
🧨 خطة ممنهجة لاغتيال الكلمة؟
وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر قضائي، يشتبه الادعاء الفرنسي في وجود "خطة مشتركة" اتُّخذت على أعلى مستوى في النظام السوري لقصف الصحفيين، حيث سبقت المجزرة اجتماعات ضمّت جميع المسؤولين عن القوات العسكرية والأمنية في حمص.
من أبرز المشتبه بهم الذين طُلب تحديد مكانهم:
- ماهر الأسد، شقيق الرئيس وقائد الفرقة الرابعة المدرعة.
- علي مملوك، مدير المخابرات العامة حينها.
- علي أيوب، رئيس اللجنة الأمنية والعسكرية في حمص.
- رفيق شحادة، المسؤول الأمني في المدينة خلال المجزرة.
المحاميتان ماري دوسيه وكليمونس بيكتارت، اللتان تمثلان الضحايا، اعتبرتا أن ما يجري هو "تقدّم ملموس في محاسبة المتورطين، بعد سنوات من الإفلات من العقاب"، وكررتا المطالبة بإصدار مذكرات توقيف دولية فورًا.
🔎 السياق: قصف استهدف الصحفيين عمدًا
في 21 فيفري 2012، كان عدد من الصحفيين الغربيين قد دخلوا مدينة حمص المحاصرة آنذاك من قبل قوات النظام، واستقروا في منزل بحي بابا عمرو تحوّل إلى مركز إعلامي. وفي الساعات الأولى من الصباح، انهالت القذائف على الموقع بدقة لافتة، ما يرجح فرضية الاستهداف المتعمد.
القصف أسفر عن مقتل اثنين من أبرز الصحفيين الغربيين، وفتح الباب لتحقيق قضائي في فرنسا انطلق سنة 2012، وتحوّل لاحقًا إلى ملف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بعد تراكم الأدلة والشهادات.
⚠️ هل نشهد سابقة تاريخية؟
هذه المذكرة القضائية قد تُمهّد الطريق لأول تحرك رسمي أوروبي ضد رأس النظام السوري بتهم متعلقة بجرائم ضد الإنسانية واغتيال صحفيين، وهو ما قد يُحوّل الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية لاحقًا.
في وقت يواجه فيه نظام الأسد ضغوطًا متجددة في الملف الإنساني، تبدو هذه الخطوة الفرنسية بمثابة زلزال قضائي وإنساني، يُعيد الاعتبار لأرواح فُقدت دفاعًا عن الحقيقة... ويطرح سؤالًا أخلاقيًا وسياسيًا:
"هل يمكن أن يفلت القتلة من العقاب إلى الأبد؟"