بعد أكثر من 20 سنة غياب، كنا ننتظر عودة قوية ومبهرة لمهرجان موسيقى العالم بطبرقة، لكن للأسف عاد من الباب الصغير وبأسلوب مخيب للآمال.
الفشل ظهر منذ الندوة الصحفية نفسها، حيث كانت ندوة بلا صحفيين، ما جعل الحدث يبدو استعراضيًا فارغًا من أي محتوى إعلامي حقيقي. حتى الإعلام العمومي شارك في هذه المهزلة، فيما ساهمت إذاعات خاصة في التغطية،وهي اذاعات أغلبها على شبكات التواصل الاجتماعي ولا ترتقي الى مستوى عالمية الحدث وعراقة وقوة هذا المهرجان لكنها لم تُصلح الأخطاء التنظيمية، مهدراً المال العام دون أي فائدة فعلية للجمهور أو المتابعين.
البرمجة اقتصرت على عروض تونسية محدودة، رغم الاعلان الاولي عبر دعاية اعلامية وهمية عن عروض اجنبية من بينها عرضان للراب (جنـجون مع K8T ونورـدو)، بينما أُهملت العروض الدولية التي كان من المفترض أن تكون قلب مهرجان عالمي. الأدهى، أن فنانين من مصر وإفريقيا حُظروا من الركح بسبب أخطاء قانونية وإدارية لم يتم تداركها، لتتحول الفرجة إلى إحراج حقيقي.
هذه الأخطاء ليست صدفة، بل نتاج خبرة طويلة للمنظمين في استغلال الجمعيات الثقافية والتمويل العمومي لمصالح شخصية وتجارية، بينما الثقافة والفن أصبحا مجرد شعارات على الورق.
وفي غياب أي رقابة حقيقية من المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية، التي تفضل المحاباة والولاءات على الكفاءة والخبرة، كانت الفوضى والتسيب نتيجة متوقعة وطبيعية.
عودة مهرجان موسيقى العالم بطبرقة كان يمكن أن تكون احتفالاً بالتنوع والانفتاح الفني، لكنها للأسف تحولت إلى مسرحية فوضوية يندى لها الجبين، تظهر هشاشة التنظيم وإهمال الثقافة الحقيقية.
القراء والفنانون ينتظرون نسخة تليق باسم "موسيقى العالم بطبرقة"، لا نسخة تخجل الجمهور وتسيء للفنانين!
وتسيء ايضا لمن أسسوا هذا المهرجان منذ عقود من الزمن خلت.