خطفت المخرجة التونسية أريج السحيري الأضواء في الدورة الثانية والعشرين للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، بعد أن تُوّج فيلمها “سماء بلا أرض” مساء السبت 6 ديسمبر بالنجمة الذهبية، أرفع جوائز المهرجان، في تتويج يعكس ثقة عالمية متصاعدة في قوة السينما التونسية وقدرتها على ملامسة أكثر القضايا حساسية وعمقًا.
لجنة التحكيم: جرأة… شاعرية… ورؤية تُحاور الواقع
أثنت لجنة التحكيم على الفيلم، واعتبرته “عملًا يجرؤ على مقاربة العالم من منظور مختلف، مستندًا إلى شاعرية نادرة ورؤية فنية منخرطة بعمق في الواقع”. إشادة تكشف أن السحيري قدّمت ما هو أبعد من فيلم روائي؛ قدّمت موقفًا، وصرخة، وصورة إنسانية مترعة بالأسى والجمال في آن واحد.
قصة ثلاث مهاجرات… وحلم يصطدم بجدار الواقع
يدخل الفيلم إلى عالم ثلاث مهاجرات إفريقيات جمعتهنّ الصدفة في تونس، يحملن حلم حياة كريمة بعيدًا عن الفقر والاضطراب، لكنهنّ يصطدمن بواقع قاسٍ:
اعتداءات، تضييقات، خطاب سياسي محتقن، وقرارات اعتباطية قلبت يومياتهنّ إلى خوف وترقّب.
من خلال شخصية ماري، القسيسة الإيفوارية، تُشيّد السحيري ملاذًا صغيرًا، بيتًا مؤقتًا تتقاطع داخله مصائر امرأتين شابتين، قبل أن تبلغ الحكاية ذروة إنسانيتها مع وصول طفلة يتيمة تحوّل الملجأ إلى اختبار حقيقي لقيمة التضامن.
من “تحت الشجرة” إلى “سماء بلا أرض”… مسيرة تواصل التحليق
يُعد الفيلم ثاني روائي طويل لأريج السحيري بعد النجاح الباهر لـ “تحت الشجرة” (2023)، الذي مثّل تونس في سباق الأوسكار لأفضل فيلم دولي. قبل ذلك، تركت بصمة خاصة في الفيلم الوثائقي “الطريق العادي” (2018)، مؤكدة قدرة نادرة على الانتقال من الوثائقي إلى الروائي دون خسارة الحس الواقعي أو البصمة البصرية.
تتويج يعيد السينما التونسية إلى الواجهة
بتتويج “سماء بلا أرض”، تعود السينما التونسية إلى منصات التكريم الدولية، مؤكدة أن القصص الإنسانية التي تُروى بصدق وشجاعة قادرة على ملامسة العالم… وأن السماء، مهما بدت بلا أرض، يمكن أن تكون مساحة يتنفس فيها الأمل.



