في مشهد يصعب تصديقه حتى في وادي السيليكون، رفض أحد كبار خبراء الذكاء الاصطناعي عرضًا مذهلًا من شركة Meta بقيمة 1.25 مليار دولار على مدى أربع سنوات، أي أكثر من 300 مليون دولار سنويًا – رقم يتجاوز حتى رواتب رؤساء شركات عملاقة من قائمة Fortune 500. القنبلة فجرها دانييل فرانسيس، مؤسس شركة Abel الناشئة، بمنشور قصير على منصة X:
"تم إبلاغي بعرض بقيمة 1.25 مليار دولار لمدة أربع سنوات – وهو أعلى رقم رأيته على الإطلاق... قال الشخص لا، بالمناسبة."
فماذا يحدث؟ ولماذا يرفض أحدهم ثروة خيالية كهذه؟
Meta تطارد "العقول الذهبية"
العرض كان جزءًا من جهود Meta المحمومة لبناء منظومات الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، التي تطمح لتجاوز الذكاء البشري في مهام متعددة. ضمن هذا السباق، شكّل مارك زوكربيرغ "فريق الذكاء الفائق"، وهو وحدة سرّية تضم نخبة من العقول النادرة عالميًا، حيث تُعامل كل واحدة منها كـ"أصل سيادي متحرك". كما قال فرانسيس:
"الملكية الفكرية اليوم... موجودة في عقول الناس."
وفي عالم لم يتجاوز عدد خبراء AGI الحقيقيين الـ1000، أصبح استقطابهم يشبه الميركاتو الكروي: عروض ضخمة، تكتم شديد، ووكلاء في الظل.
لماذا يُرفض عرض كهذا؟
رغم أن الرقم يُدوّخ، إلا أن الرفض يكشف ما هو أعمق من المال:
- الاستقلالية الفكرية: العقول الكبرى تفضّل إنشاء مختبراتها الخاصة أو مشاريع مفتوحة المصدر بدل العمل في "أقفاص ذهبية".
- الهواجس الأخلاقية: القلق من أن يُستخدم الذكاء الاصطناعي في المراقبة الشاملة أو الحروب السيبرانية أصبح دافعًا لرفض العروض المغرية.
- البحث عن التأثير: المساهمة في تطوير السياسات أو إحداث تغيير مجتمعي قد يوازي أو يتفوق على المال.
Meta تحشد قوى المستقبل
وفق تقارير تقنية، تستثمر Meta في مراكز بيانات بقدرة 5 جيجاوات – طاقة تفوق ما تستهلكه دول بأكملها – كما تجمع قواعد بيانات بحجم مدن. الطموح؟ قيادة المستقبل عبر ذكاء اصطناعي يتعلم، يحلل، ويتخذ قرارات... ربما أفضل من الإنسان نفسه.
ما القادم؟
- تضخم مجنون في الرواتب: عروض المليارات قد تصبح قاعدة، لا استثناء.
- صعود البدائل المستقلة: الجامعات والشركات الناشئة قد تستقطب العقول بسبب الحرية.
- تدخل الدول: قد نرى سياسات لحماية "الأدمغة" كأمن قومي.
- إعادة تعريف القيمة: لم تعد القيمة في التطبيقات، بل في مطوريها.
هذه القصة ليست مجرد رقم فلكي رفضه رجل غامض، بل مؤشر على حقبة جديدة: حيث الأصل الأغلى ليس النفط أو الذهب، بل العقل البشري القادر على صياغة ذكاء يتجاوزنا. المستقبل يُكتب الآن... على يد من يملكون الشجاعة ليقولوا "لا".