يشهد المشهد المالي في تونس تحوّلاً لافتاً مع تسجيل حجم الأوراق النقدية والمسكوكات المتداولة مستوى غير مسبوق بلغ 26.24 مليار دينار إلى حدود 22 ديسمبر 2025، وفق أحدث معطيات البنك المركزي. رقم يعكس تسارعاً حاداً في الاعتماد على السيولة، بزيادة سنوية ناهزت 4.2 مليار دينار ونسبة نمو بلغت 19% في ظرف عام واحد.
هذا المنحى التصاعدي لا يرتبط فقط بالمواسم والعطل، بل يكشف عن تغيّر عميق في سلوكيات الدفع، حيث تراجع استعمال الشيكات بشكل غير مسبوق، مدفوعاً بدخول القانون الجديد المنظّم للشيكات حيّز التنفيذ.
الأرقام صادمة: انخفاض عدد الشيكات بنسبة 67.9% مع نهاية سبتمبر 2025، لتتراجع من 18.52 مليون شيك إلى 5.9 ملايين فقط. وبذلك، لم يعد الشيك سوى 13.7% من وسائل الدفع بعد أن كان يمثل 37% قبل عام واحد.
بين ضغط الطلب على السيولة، وتقلّص أدوات الدفع التقليدية، يطرح هذا التحوّل أسئلة جوهرية حول مستقبل المنظومة المالية، ومخاطر الاقتصاد النقدي، وقدرة الدولة على مرافقة الانتقال نحو وسائل دفع أكثر أماناً وشفافية. واقع جديد يتشكّل… والأرقام وحدها لا تكفي لتفسيره.



