شهدت سوريا أمس تطورات مفاجئة وغير متوقعة تمثلت في سقوط نظام الرئيس بشار الأسد وسيطرة الفصائل المسلحة على العاصمة دمشق. هذا الحدث أسفر عن حالة من الفوضى السياسية والأمنية، حيث مغادرة الأسد البلاد وانتقال السلطة إلى قوى المعارضة السورية، مما أثار ردود فعل عالمية واسعة وحالة من الترقب الدولي بشأن مستقبل سوريا في ظل هذه التحولات الجذرية.
مقالات ذات صلة:
علم الفصائل المسلحة يرفرف فوق سفارة دمشق في موسكو: خطوة غير متوقعة تهدد مستقبل الحل السياسي في سوريا
فرنسا ترحب بسقوط نظام بشار الأسد وتدعو إلى وحدة سوريا عبر حل سياسي شامل
روسيا تساهم في إسقاط بشّار الأسد: نهاية حكم العائلة وبداية مرحلة جديدة في سوريا
المفاوضات والمغادرة إلى موسكو
حسب التقارير الروسية، غادر بشار الأسد دمشق بعد مفاوضات مع بعض المشاركين في الصراع السوري، حيث قرر الاستقالة وتقديم حق اللجوء في روسيا التي استقبلته. موسكو أكدت أنها لم تشارك في تلك المفاوضات، ولكنها أبدت قلقًا بالغًا إزاء تطورات الأحداث في سوريا، خاصة في ظل الحالة الأمنية المتدهورة. السلطات الروسية وضعت قواعدها العسكرية في سوريا في حالة تأهب قصوى، لكنها أكدت أن الوضع الحالي لا يشكل تهديدًا مباشرًا لها.
الوضع داخل دمشق
في العاصمة دمشق، سادت حالة من الفوضى، مع انتشار إطلاق النار في الهواء من قبل الفصائل المسلحة التي أطلقت سراح المعتقلين في السجون. وحظر التجوال المفروض في المدينة منذ المساء حتى صباح اليوم التالي كان أحد الإجراءات التي اتخذتها الفصائل لضبط الأوضاع. وفي هذا السياق، أعلن أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، قائد الفصائل المسلحة، أن المؤسسات العامة ستظل تحت إشراف رئيس الوزراء السابق مؤقتًا.
التطورات الإقليمية والدولية
في مواجهة هذا التحول، تفاعلت القوى الإقليمية والدولية بسرعة. وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أكد أن نظام الأسد قد "انهار" وأن تركيا تواصل التنسيق مع فصائل المعارضة للتأكد من عدم استفادة تنظيمات إرهابية مثل داعش وحزب العمال الكردستاني من الوضع القائم. وأشار فيدان إلى أهمية ضمان "انتقال سلس" للسلطة في سوريا بما يضمن استقرار المنطقة.
أما الأمم المتحدة، فقد دعت جميع الأطراف الفاعلة في سوريا إلى ضرورة حماية المدنيين والحفاظ على المؤسسات العامة. جير بيدرسون، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، أكد على أهمية التوجه نحو الحلول السياسية والتغلب على الصراع المسلح، مشددًا على ضرورة الحفاظ على السلام والأمن في البلاد.
إسرائيل والتحركات العسكرية
في هذا السياق، تصاعدت المخاوف الإسرائيلية، حيث نفذت الطائرات الإسرائيلية ضربات جوية على مواقع في دمشق، بما في ذلك المربع الأمني في وسط المدينة. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن انهيار اتفاق "فض الاشتباك" مع سوريا في 1974، وأمر الجيش الإسرائيلي باحتلال المنطقة العازلة وجبل الشيخ السوري.
مستقبل سوريا بعد الأسد
مع هذه التحولات السريعة، يُطرح سؤال حول مستقبل سوريا وما إذا كانت ستشهد تقسيمًا جغرافيًا أو نظامًا سياسيًا جديدًا يقود إلى استقرار دائم. أكد رئيس المعارضة السورية، هادي البحرة، أنه يجري العمل على تشكيل هيئة حكم انتقالية تضم جميع القوى الوطنية في البلاد، مع الإشارة إلى ضرورة انتقال سوريا إلى فترة انتقالية مدتها 18 شهرًا لصياغة دستور جديد وتنظيم انتخابات حرة.
بالتوازي مع هذه التطورات، يبدو أن سوريا أمام مرحلة صعبة ومعقدة، تتطلب تنسيقًا دوليًا وإقليميًا لضمان انتقال سلمي للسلطة وبدء عملية سياسية تفضي إلى استقرار طويل الأمد في البلاد.