تُمثّلُ الانتفاضة الشّعبية 17 ديسمبر 2010 - 14 جانفي 2011 منعرجا حاسما في تاريخ الشّعب التّونسي، حيث مثّلت بداية تشكّل الوعي الجمعي بضرورة القطع الأبدي مع الاستبداد السّياسي والنّهب الاقتصادي والحيف الاجتماعي. كما أصبحت هذه الانتفاضة مصدر إلهام للعديد من شعوب المنطقة والعالم للتّصدي للاستبداد، ومثّلت فُرصة لشعبنا لتحقيق حلمه بالحريّة والعدالة وأمله في التطوّر والرقيّ.
ولأنّ تطلّعات الشّعب التّونسي مثلت خطرا محدقا على مصالح العديد من شبكات التمعّش واستغلال النّفوذ التي استعملت مؤسسات الدولة لخدمة مصالحها، فقد قامت هذه الشبكات عبر وُكلائها في الدّاخل والخارج بعرقلة جهود بناء ديمقراطيّة حقيقيّة تبدأ بمحاسبة المتورّطين في منظومة الاستبداد والفساد. واستطاعت هذه الشّبكات أن تنحرف بمسار إعادة بناء الدّولة والمؤسّسات وأن تُعيد إنتاج نفس النّظام الساّبق عبر تحالف الرجعية الدينية والانتهازية الهجينة وهو ما ساهم في تأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي وأعاد البلاد إلى المُربّع الأوّل،
ولأنّ جميع التّوجهات الاقتصادية التي وقعت تجربتها من مرحلة الاشتراكية الدُّستوريّة إلى مرحلة الانفتاح طُبقت بأوامر القُوى الخارجيّة، فإنّها لم تزد أوضاع شعبنا إلاّ مزيدا من الانحدار ولم تزد الدّولة إلاّ تبعيّة وتراجُعا للسّيادة الوطنية،
ولأن فشل منظومة الحكم قبل 25 جويلية 2021 تأكّد للجميع، والمسار الذي تلاه لازال غير واضح المعالم،
ولانّ مشروع الثّورة الوطنيّة المتمثّل في إرساء ديمقراطيّة وعدالة اجتماعيّة حقيقيّة لا نجد له أثرا في المشاريع السّياسيّة للأحزاب،
قررنا نحن مجموعة من الوطنيّين تحمُّل مسؤوليّاتنا التاريخيّة تُجاه وطننا وشعبنا عبر تأسيس حزب سياسي جديد تحت اسم "الائتلاف الوطني التّونسي" يطرح كبديل عن السائد ومواصلة للمنهج الاصلاحي الذي انطلق منذ منتصف القرن 19 وجسمت الدولة الوطنية جانبا هاما منه خاصة خلال الفترة البورقيبيّة، ويُقدّم للشّعب التونسي مشروعا متكاملا يتضافر فيه السّياسي والاقتصادي والاجتماعي بهدف بناء بلد قوي، موحّد ومتطوّر يضمن العيش المشترك والحريّة والأمن والعدل للجميع على أساس دستور علماني يضمن الحقوق والواجبات على حدّ السّواء.
ويتعهّد حزب الائتلاف الوطني التّونسي بتحقيق الأهداف التّالية:
1- تنقيح الدستور الحالي ليضمن الحقّ في الاختلاف وإلغاء كلّ أشكال التّمييز على أساس ديني أو عرقي أو مذهبي.
2- إرساء ثقافة وطنية أصيلة تهدف إلى خلق مواطن فخور بأرضه وتاريخه وأصوله، منفتحا على الثّقافات ومُؤمنا بالقيم الإنسانيّة الكونيّة من عدل وحرية ومساواة وتسامح ونبذ للعنف أيّا كان مأتاه.
3- تطوير المؤسّسات الدستورية لتكون مُساهمة في ترسيخ الديمقراطية وتجذيرها.
4- تكريس سيادة الشّعب على ثرواته وموارده وإرساء آليات رقابة قضائية وإدارية عليها.
5- مكافحة التّطرف الفكري والتعصّب الأيديولوجي في إطار مُقاربة متكاملة لمحاربة الإرهاب بالتّوازي مع محاربة الفقر والجهل والأميّة.
6- تكريس الفصل بين السّلط الثّلاث التّشريعيّة والتّنفيذيّة والقضائيّة.
7- تفعيل الديمقراطية المحلية عبر تشريك القاعدة الشعبيّة المحليّة في إدارة الشّأن المحلي والجهوي.
8- إعداد منوال تنموي اقتصادي وطني يجعل من الدولة الفاعل الرئيسي ويحرص على خلق توازن بين الفئات الاجتماعية وبين الجهات، كما يحرص أيضا على تشجيع المبادرة الخاصّة ضمن مشروع اقتصادي وطني.
9- سنّ منظومة قانونية جزائية لحماية الملك العام والتصدي لجميع أنواع الاعتداء عليه.
10- إعداد مشروع إصلاح عاجل لكلّ مراحل التّعليم تشارك في وضعه كل الأطراف المعنيّة بالشأن التّربوي، ورقمنة المدرسة والاستثمار في العلم والمعرفة باعتبارهما أساس تقدّم الشّعوب.
11- تحرير الثّقافة والدّين من رقابة المؤسّسة الرسميّة وفسح المجال لحريّة الإبداع في مختلف المجالات.
12- تعزيز الحُريّات الفرديّة وتكريسها في منظومة تشريعيّة وحمايتها من الانتهاكات وحماية حقوق الأقليات، لأنّ الحرية حق لكلّ تونسي مهما كان جنسه أو دينه أو لونه أو عرقه.
13- إيلاء أهميّة قُصوى للصحّة والنّقل والرّياضة والسّكن الاجتماعي واعتبار هذه القطاعات مجالات ذات أولوية في التّعصير والتّطوير.
14- بناء علاقات خارجية تقوم على النديّة والمصلحة المشتركة مع جميع الدّول، وتطوير هذه العلاقات بما يخدم مصلحة شعبنا، والانفتاح على التّجارب التنمويّة النّاجحة.
15- التزام الحياد كموقف استراتيجي وعدم الانخراط في سياسة المحاور والتّحالفات والتشبُّث بالمواقف المبدئية في علاقة بحقوق الإنسان في العالم والعمل على تكريسها.
16- السعي إلى إعادة الاعتبار للقيم والمبادئ الإنسانية لتكون زادا معنويّا محفّزا على مزيد العمل والمثابرة وبذل الجهد اللاّزم في بناء الوطن.
17- السعي إلى إعادة الثقة في العمل السياسي لدى المواطن حتى يُؤمن أنّ التّغيير لا يتم إلاّ بالعمل السّياسي في إطار أحزاب وعبر صناديق الاقتراع.
18- تعزيز دور شمال إفريقيا في السّياسات الإقليمية والدُّولية خاصّة في حوض البحر الأبيض المتوسط.
19- التّصدّي لمشاريع خوصصة المؤسّسات العموميّة باعتبارها مكسبا للشّعب التّونسي والعمل على إصلاحها لتضطلع بدورها كقاطرة للتّنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة كما كانت في السّابق.
20- مُحاربة التّهرب الضريبي حتّى لا تبقى فئة الموظّفين تتحمّلُ وحدها عبء الجباية.
عاشت تونس حرّة مستقلّة أبد الدّهر
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار