وافانا الصحفي الكبير و الناقد التشكيلي نجيب قاصة بالتوضيح التالي:
ما يعنى أن يكون لك تصور تربوي؟؟؟؟!!
أهدى هذا النص إلى صديقي الأستاذ الجليل الدكتور لطفي عيسى:
إعادة إختراع اليومي هو الهدف من كل عملية تربوية وما برمجة «المواد»إلا سياسة لها أهداف معلنة وأهداف مسكوت عنها.
الهدف ألأسمى لكل عملية تربوية هو تربية المتعلم على مناهج النقد أي على الحرية.
وهذه الملكة لا تحقق عبر برنامج لا يولى الأهمية الكبرى للذوق وللترقي به.
Le beau, le bien et le vrai
من يتصور أن العلوم «الصحيحة» تكفى، فهو كمن يشعل النار فى بيته ويحتج لما تحترق .(نسبة الدواعش مرتفعة جدا عند شريحة من يعتقدون أن العلوم الصحيحة، صحيحة وكافية لتفسير الحياة كما البعض ممن يدرسون القانون) .
من يعتبرون أن العلوم ألإنسانية كافية لحل كل ألغاز الحياة يتوهمون وجود الحقيقة ويعيشون الوهم.
العلوم الصلبة والعلوم الإنسانية تتكامل ولكنها لا تصنع المواطن المتوازن.
ما ينقص تركيبة المواطن-الشبل الذى نرمي إلى بناءه ليصبح مواطنا قادرا على ألإظافة فى إعلاء صرح المجتمع؟
ما ينفرد به ألإنسان فى عالم الثدييات؟
التفكير والوعي بعملية التفكير إظافة إلى تأمين بقاءه واستمرار وجوده من جهة، والإنتصار على الموت عبر عملية الإنجاب، من جهة أخرى .
أيكفي كل هذا لنتوفق إلى نحت شخصيًة مواطن الغد المسؤول القادر على ألإصلاح والإمتياز؟
بالطبع لا !
مع بروز الذكاء ألإصطناعي، لم يعد العلم بالشيئ وتخزينه بالذاكرة وتلقينه القيمة وترتيلا كافيا ذلك أن ألإنسان مطالب هنا والٱن قبل أي وقت مضى، بحذق القدرة على التأليف وتشكيل منظومة متكاملة تتظافر كل مكوناتها للإستجابة إلى مقتضيات الحاجة إلى إبداع اليومي الجمعي .
ما يميز تصورا لما يجب أن يكون، عن تصور ٱخر؟؟
La cerise sur le gâteau??
كل بناء هندسي كان أو بشري مواطني، يفتقد البعد الجمالي، أو القيمة «السحرية» الذوقية، لا يكتب له البقاء فيندثر إندثارا.
لو عرفنا الإنسان لقلنا أنه كائن قادر على إتقان عملية القيس (L'homme est l'être qui mesure)
يفكر فى ما يريد إنجازه ويشكله فى وعيه قبل أن يمر إلى عملية ترجمته من مشروع إلى كيان مادي. ما هو الفرق بين النمل أو النحل والإنسان المهندس؟
الفرق الوحيد هو أن المهندس قد يضع عديد التصورات لمشروع ما فى مخيلته ثم على الورق و/أو فى الكمبيوتر، لاختيار الشكل النهائي لعمله النظري قبل تسليمه إلى من تقع عليه مسؤولية التطبيق.
.
إذن ما يميز ألإنسان هو المخيلة أو الخيال.
والكل يعلم أن الخيال أهم من العقل ذاته بل هو مموله ألأوحد بالأفكار الجديدة المتجددة المبتكرة.
لو خيرت بين عالٍمين متساويين فى العلم لاختبرتهما فى القدرة على التخيل ولأخترت من خياله أرحب وذوقه أرفع.
مربط الفرس؟
لا العلوم الصلبة محصنة بالعلوم ألإنسانية تكفي لبناء ألإنسان لما يفتقد هذا المشروع المجتمعي خيالا رائعا وذوقا رفيعا يستحيل توفرهما دون التربية على الفنون الجميلة.
يظهر للعيان ألٱن أن الموضوع لا يتعلق بمواد معينة تبرمج للتدريس بل لمشروع مجتمعيً يبدأ ببناء المواطن ليكون جميلا .
وهذا النوع من« البناء» لا يتحمل مسؤوليته باقتدار إلا من ٱمن بأن العلم (العلوم الصحيحة) دون وعي(العلوم ألإنسانية من تاريخ وفلسفة..) وضمير (ألقيم والمبادئ)وجمال(اللغة والفنون الجميلة) لخراب للروح .
نجيب ڨاصه
