في خطوة تأكيدية على التزامه بمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة، اجتمع الرئيس قيس سعيّد برئيس الحكومة، السيد أحمد الحشاني، والسيدتين ليلى جفال، وزيرة العدل، وسهام بوغديري نمصية، وزيرة المالية، في قصر الحكومة بالقصبة، تركز الاجتماع على تشكيل لجنة الصلح الجزائي التي ستلعب دورا حاسما في استعادة الأموال المنهوبة للشعب التونسي، سواء داخل البلاد أو في الخارج.
وتعيد هذه الخطوة الحكومية الهامة للأذهان الأزمة السياسية والاقتصادية التي شهدتها تونس في الأعوام الأخيرة، والتي تسببت في تدهور الوضع المالي للبلاد وتجاوزات فادحة في مجال الفساد، ومن أجل إعادة الثقة والاستقرار، يعد تشكيل لجنة الصلح الجزائي خطوة فعّالة نحو تحقيق العدالة واستعادة الموارد المالية المنهوبة.
هذا وتكمن القوة والدقة في رؤية الرئيس قيس سعيّد في تحميل المسؤولية الكاملة لأعضاء اللجنة المعينين في التحقيق والتدقيق في الملفات المقدمة إليهم، اذ يجب على هؤلاء الأعضاء العمل بشفافية ونزاهة تامة لضمان إعادة الأموال المنهوبة بأسرع وقت ممكن، فقد أكد الرئيس أن باب التصالح مفتوح لمن يرغب في إعادة الأموال بالكامل، وفي المقابل، يتعين على من يختارون الاستمرار في الطريقة التقليدية أن يتحملوا مسؤوليتهم أمام القضاء.
كما تعتبر فكرة التصالح الجزائي خطوة جريئة ومهمة في عملية بناء الدولة وتعزيز العدالة في تونس، فإلى جانب استعادة الأموال المنهوبة، فإنها تساهم في تعزيز الثقة بين الحكومة والشعب وتعزيز النظام القانوني، ومن الضروري أن تتم هذه العملية بشفافية ومساءلة لضمان تحقيق العدالة الكاملة وعدم التسامح مع أي شكل من أشكال الفساد والاستيلاء على المال العام.
ولإحداث تغيير حقيقي في المجتمع التونسي، يجب أن يعمل الجميع بروح الشفافية والنزاهة، وأن يكونوا قدوة للشباب والأجيال القادمة، و يجب أن يكون هناك رقابة صارمة على عمل اللجنة، وضمان عدم التلاعب بالملفات أو تضارب المصالح.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تتم محاسبة المسؤولين السابقين الذين شاركوا في الاستيلاء على أموال الشعب، ما يجب أن يعرضوا على القضاء وأن يتم تطبيق أقصى عقوبات عليهم، ليكونوا عبرة للآخرين ولترسيخ مبدأ المساءلة.
تونس تمر بمرحلة حاسمة في تاريخها، وهذه الخطوة نحو تصالح جزائي قوي تعكس إرادة القيادة في استعادة كرامة الشعب والعدل الاجتماعي، ويجب أن يكون هذا الجهد جزءا من رؤية شاملة لتعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد في جميع المستويات.
في النهاية، يجب أن يكون هناك تعاون وتضافر جهود بين الحكومة والشعب والمؤسسات القانونية لتحقيق هذه الرؤية، اذ إن استعادة الأموال المنهوبة ليست مجرد مسؤولية الحكومة ولكنها مسؤولية واجتماعية تشمل الجميع، إنها تعد خطوة حاسمة نحو بناء تونس الجديدة التي تقوم على المبادئ الأخلاقية والعدالة.