في صباح الثاني من نوفمبر عام 1952، وُلد لورانس "لاري" فينك في بلدة فان نويس الصغيرة بولاية إنديانا الأمريكية، لأسرة متواضعة كان والدها يعمل في بيع الأحذية ووالدتها أستاذة لغة إنجليزية. لكن هذا المولود الصغير لم يكن يعرف حينها أنه سيصبح أحد أبرز الشخصيات في عالم المال والاستثمار، ويقود أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم.
مقالات ذات صلة
إقالة وزير المالية تهز الحكومة الألمانية.. شولتز يطالب بتصويت على الثقة وليندنر يتهمه بضعف القيادة!
إقالة وزير المالية تهز حكومة شولتس وتفتح الباب أمام انتخابات مبكرة
الاتحاد الإفريقي يعاقب ليبيا بخسارة إدارية وغرامة مالية بعد أزمة مباراة نيجيريا
بداية الحياة والمهنة
على الرغم من أن مستوى لورانس التعليمي في طفولته لم يكن مميزًا مقارنة بشقيقه، إلا أن عزيمته لم تتأثر بذلك. عمل في بيع الأحذية مع والده، وهو ما وصفه لاحقًا بـ "العمل الروتيني الممل"، لكنه لم يستسلم وواصل دراسته. حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة كاليفورنيا عام 1974، ثم أكمل دراسته وحصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من كلية أندرسون للإدارة في 1976.
بدأت مسيرته المهنية في بنك "فرست بوسطن" في نيويورك في نفس السنة، حيث تخصص في تداول السندات، وسرعان ما أصبح أصغر مدير إداري في تاريخ البنك. لعب دورًا أساسيًا في تطوير سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، وحقق للبنك أرباحًا هائلة. لكن في عام 1986، ونتيجة لتوقعات غير صحيحة بشأن أسعار الفائدة، تسبب في خسارة ضخمة بلغت 100 مليون دولار.
ولادة "بلاك روك" وبداية الإمبراطورية
بدلاً من أن ينهار بعد تلك الخسارة، قرر لاري فينك أن يطلق مشروعه الخاص، فأسس مع صديقه رالف شلوسشتاين شركة "بلاك روك" عام 1988. بدأت الشركة في صياغة الأوراق المالية وتجميعها في محفظة واحدة مع تحليل دقيق للمخاطر، مما جعلها تبرز بسرعة في سوق المال.
بعد سنوات من النمو، تم إدراج "بلاك روك" في البورصة عام 1999 وحققت قيمة سوقية تصل إلى 900 مليون دولار. ومع مرور الوقت، انفصلت الشركة عن مجموعة "بلاك ستون" وأصبح لاري فينك هو الرئيس التنفيذي لها، ليبدأ في بناء إمبراطورية مالية عالمية.
صفقات تاريخية وتوسع عالمي
تمكن فينك من إبرام عدة صفقات تاريخية، كان أبرزها في عام 2006، عندما اندمجت "بلاك روك" مع بنك "ميريل لينش"، ما أدى إلى زيادة حجم محفظة أصول الشركة بشكل هائل. في نفس العام، أبرمت "بلاك روك" واحدة من أكبر صفقات القطاع السكني في تاريخ الولايات المتحدة من خلال استحواذها على مجمع سكني في مانهاتن بقيمة 5.4 مليار دولار.
وفي عام 2009، استحوذت "بلاك روك" على "باركليز جلوبال إنفستورز" لتصبح أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم. ومع ذلك، استمر فينك في قيادة الشركة إلى مزيد من التوسع حتى بلغ عدد موظفي "بلاك روك" أكثر من 12 ألف شخص في 27 دولة بحلول عام 2016.
الإرث والنجاح المستمر
بحلول نهاية عام 2023، كانت "بلاك روك" تدير أصولًا تقدر بـ 10 تريليونات دولار، مما يجعلها أكبر شركة لإدارة الأموال في العالم. أما فينك، فقد واصل تحقيق نجاحات مالية ضخمة حيث بلغ إجمالي راتبه في العام الماضي 26.9 مليون دولار.
تعتبر "بلاك روك" اليوم أكثر من مجرد شركة استثمارية، فهي تمتلك نفوذًا كبيرًا في الاقتصاد العالمي والسياسة، مما جعلها تُصنف من بين "مصارف الظل" الكبرى في العالم، ولاري فينك يُعتبر أحد أقوى الشخصيات في وول ستريت.
تُعد قصة لاري فينك مثالاً حيًا على المثابرة والطموح. من طفل نشأ في أسرة متواضعة إلى قائد إمبراطورية مالية عالمية، أثبت فينك أن الإصرار على النجاح يمكن أن يحقق نتائج غير متوقعة، وأن كل عقبة في طريقه كانت دافعًا أكبر لتحقيق المزيد من الإنجازات.