في إنجاز طبي يعد نقطة تحول نوعية في الرعاية الصحية بولاية جندوبة، نجح فريق طبي وشبه طبي من قسم جراحة الأورام بالمستشفى الجهوي في إجراء عملية جراحية استثنائية تضمنت استئصال ورم معقد في منطقة الوجه والغدة النكفية، يليها إعادة بناء دقيقة للوجه؛ هذا الإنجاز الذي يتطلب مستوى عاليا من الخبرة والمهارة ابرز مدى التطور العلمي والطبي في خدمة المجتمعات الداخلية.
مقالات ذات صلة:
إنجاز طبي غير مسبوق: نجاح تاريخي في جراحة القلب للأطفال بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس
تونس تواصل الريادة في جراحة القلب: نجاحات طبية تعزز مكانتها شمال إفريقيا
الشاذلي زويتن: رائد جراحة الأسنان والرياضة التونسية
العملية الجراحية نفذت على مرحلتين مترابطتين تتطلبان تنسيقا فائق الدقة بين التخصصات، ففي المرحلة الأولى تم استئصال ورم خبيث يؤثر على الوجه والغدة النكفية، وهي منطقة معقدة نظرا لقربها من الأعصاب الحيوية والعضلات الأساسية للوجه، ليستخدم الفريق الطبي تقنيات جراحية متقدمة لضمان إزالة الورم بالكامل دون الإضرار بالوظائف الحيوية للمنطقة.
اما المرحلة الثانية تمحورت حول إعادة البناء، حيث تم استخدام سديلة جلدية وعضلية مأخوذة بعناية من منطقة الصدر والكتف لتغطية الفراغ الناتج عن استئصال الورم، حيث تتطلب هذه التقنية تخطيطا تشريحيا دقيقا لضمان توافق الأنسجة مع الوجه، بالإضافة إلى توفير تدفق دموي مناسب يضمن نجاح الزراعة والالتئام.
هذا وقد مثلت هذه العملية نقطة تحول في تحسين مستوى الخدمات الصحية في المناطق الداخلية، وتحديدا في جندوبة، فقد اثبتت أن الرعاية الصحية المتقدمة لم تعد حكرا على المراكز الكبرى، بل أصبحت في متناول سكان المناطق النائية، ليعكس هذا الإنجاز التزام النظام الصحي بتقليل التفاوتات الجغرافية وتوفير خدمات علاجية تخصصية تُلبي احتياجات جميع المواطنين.
كذا تألفالفريق الطبي الذي أشرف على هذه العملية من نخبة من الأطباء الجراحين المدربين في تخصصات دقيقة، بالإضافة إلى ممرضين ومساعدين طبيين متمرسين، وتم تنفيذ العملية في بيئة تكاملية جمعت بين المعرفة العميقة، الخبرة العلمية وروح التعاون، فكل عضو في الفريق كان جزءا لا يتجزأ من تحقيق هذا النجاح، مما يبرز أهمية التناغم في التعامل مع الحالات المعقدة.
يأتي هذا الإنجاز بالتزامن مع بدء عمل المركز المتخصص في علاج السرطان بجندوبة، الذي يعد إضافة استراتيجية لمنظومة الصحة الوطنية، اذ يوفر المركز إمكانيات متقدمة لعلاج الأورام، مما يخفف من عبء التنقل إلى المناطق الحضرية ويسهم في تحسين جودة الحياة الصحية للمرضى وأسرهم، كما يمثل المركز منصة لتطوير الكوادر الطبية المحلية من خلال التدريب المستمر.
ختاما، يعد نجاح هذه العملية رسالة قوية عن الإمكانيات الهائلة التي يمكن تحقيقها عندما يتلاقى العلم مع الالتزام الإنساني، فهذا الإنجاز ليس مجرد حدث طبي، بل هو قصة أمل ورؤية تكرس لمبدأ أن كل حياة تستحق أفضل رعاية ممكنة، و نجاح الجراحة خاصة في ولاية جندوبة يؤكد على أن المستقبل الصحي في تونس يبنى على أسس من التقدم العلمي والعمل الدؤوب لخدمة الإنسان حيثما كان.