على أثر الجلسة الأخيرة التى عقدها قائد البلاد التونسية الاستاذ قيس سعيد مع وزير التعليم العالي و البحث العلمي السيد منصف بوكثير، تم التاكيد على ان النظام التعليمي والهجرة للكفاءات يشكل أبرز التحديات التي تواجه الشباب والمجتمع التونسي في الوقت الحاضر، وتعد النتائج الأولية للاستشارة الوطنية حول نظام التربية والتعليم التي تم الإعلان عنها مؤخرا مؤشرا قويا على رغبة التونسيين في تطوير نظام التعليم وتعزيز قدراتهم في مواجهة التحديات الحديثة؛ ومع ذلك، يجب أن التعامل مع هذه القضية بشكل شامل ونبحث عن حلول مستدامة للتحديات التي تواجه التعليم وهجرة الكفاءات.
فقد أظهرت النتائج الأولية للاستشارة الوطنية تمسك التونسيين والتونسيات بالمدرسة العمومية ورغبتهم في مزيد من التكنولوجيا الحديثة في التعليم، ويعكس هذا الاهتمام المتزايد بالتكنولوجيا ضرورة تطوير بنية تحتية تكنولوجية قوية في المدارس وتدريب المعلمين على استخدام التكنولوجيا في العملية التعليمية، اذ إن تطوير هذا الجانب سيعزز توافق النظام التعليمي التونسي مع المتطلبات العالمية ويساهم في تجهيز الطلاب لمواجهة تحديات سوق العمل المتغيرة.
بالإضافة إلى ذلك، تشير النتائج إلى رغبة المشاركين في زيادة الأنشطة الفكرية والثقافية داخل المؤسسات التربوية، كما يجب أن تكون المدارس مراكز حيوية للتعلم والتنمية الشخصية للطلاب، حيث يتم توفير الفرص للاستكشاف والإبداع وتنمية المهارات الحياتية، و يمكن تحقيق ذلك من خلال توفير بيئة تعليمية غنية بالموارد والفعاليات الثقافية والاجتماعية التي تهدف إلى تنمية شاملة للطلاب.
ومع ذلك، يجب أن ننظر أيضا إلى تحدي هجرة الكفاءات التونسية إلى الخارج، حيث يشير رئيس الجمهورية إلى الهجرة الكبيرة للمهندسين والكفاءات الأخرى في مجالات مختلفة، وهو أمر يستحق الاهتمام والتفكير الجاد، كما يجب أن نتساءل عن الأسباب التي تدفعن الكفاءات التونسية للهجرة وعن تأثير ذلك على التنمية الوطنية، ويجب أيضا أن يتم البحث عن حلول تشجع الكفاءات على الاستمرار في العمل والمساهمة في تنمية البلاد.
ولعل أحد الأسباب المحتملة لهجرة الكفاءات هو ضعف الفرص الاقتصادية والمهنية في تونس، اذ انه يجب أن العمل على تعزيز الاستثمارات وخلق بيئة تجارية ملائمة للشركات والمشاريع الناشئة، كما يمكن أن تسهم الشراكات بين القطاع العام والخاص في تعزيز فرص العمل وتوفير بيئة مشجعة للابتكار والريادة.
علاوة على ذلك، يجب العمل على تحسين ظروف العمل والحياة في تونس، كما يجب أن يكون هناك رواتب تنافسية وفرص تطوير مهني وبيئة عمل ملائمة، كذا يمكن أن تساهم السياسات الحكومية في تحسين هذه الجوانب وجذب الكفاءات للعمل في تونس.
علاوة على ذلك، يجب العمل على تحسين النظام التعليمي والتدريب المهني في تونس، كما يجب أن يتم توفير برامج تعليمية عالية الجودة ومتطورة تلبي احتياجات سوق العمل وتساعد الشباب على تطوير المهارات المطلوبة، و يجب أيضا أن يتم تعزيز البحث العلمي وتشجيع الابتكار في المجالات الحيوية.
أخيرا، يجب العمل على تعزيز التعاون الدولي والشراكات مع الدول الأخرى، كما يمكن أن تسهم التبادلات الثقافية والعلمية والاقتصادية في تعزيز التعاون وتبادل الخبرات والمعرفة.
ومن المهم التعامل مع هذه التحديات بشكل شامل والبحث عن حلول مستدامة، ولابد من أن تكون هناك استراتيجيات متكاملة تستهدف تطوير القدرات وتحفيز الكفاءات للبقاء والعمل في تونس، كما يجب أن العمل معا كمجتمع لتحقيق التغيير الذي نريده وبناء مستقبل أفضل للجميع.
بقلم إيمان مزريقي