في مشهد يثير الاستغراب والاستياء، تستقبل المدرسة الثانوية نهج كاراتشي بباردو طلابها هذا العام وسط أجواءٍ لا علاقة لها بالتدريس أو البيئة التعليمية المفترضة. فبعد صيف كامل كانت فيه المدرسة مغلقة، ومهجورة بين أبواب موصدة وصمتٍ مطبق، انطلقت مع بداية السنة الدراسية أعمال توسعة وترميم، لتجد المؤسسة التعليمية نفسها محاطة بأكوام الأتربة ومخلفات البناء التي حولت الساحة والممرات إلى مواقع أشبه بورشات البناء منها إلى فضاءات تعليمية.
مقالات ذات صلة:
القبض على مروج مخدرات بمحيط مدرسة في بن عروس
كارثة في زغوان: وفاة طفل وإصابة آخرين إثر سقوط سور مدرسة
مدرسة الكرامة سليمان: تأسس لتاريخ من الإبداع والتأثير الإيجابي
مشهد لا يشجع على الدراسة.. ولا التعليم
يمثل الوضع الحالي في المدرسة بيئة خانقة وغير مريحة، تثير استياء الطلاب والمدرسين على حد سواء. فعوضًا عن توفير أجواء محفزة للتعلم، يجد التلاميذ أنفسهم في بيئة مليئة بالأتربة والغبار وأصوات الآلات الثقيلة التي تتداخل مع شرح الدروس. أما المعلمون، فقد أصبحوا مضطرين للتعامل مع هذه الظروف الاستثنائية، التي تعرقل أداءهم وتؤثر سلبًا على تركيزهم وقدرتهم على تقديم الدروس بفاعلية.
في هذه الأجواء، يصبح الالتزام بالعملية التعليمية تحديًا يوميًا، حيث تتركز الشكاوى حول فقدان الأمان والتنظيم، فالتلاميذ يتنقلون بين فضلات البناء، مما يعرضهم لخطر الانزلاق أو التعثر في أي لحظة، فضلاً عن مخاطر الغبار على الصحة.
ضحية سوء التخطيط
السؤال الذي يطرح نفسه بحدة هنا: لماذا لم تُنفَّذ أعمال الصيانة والتوسعة خلال العطلة الصيفية؟ ولماذا لم توضع خطة محكمة تضمن انتهاء الأعمال قبل بداية العام الدراسي؟ هذا التأخير غير المبرر يثير تساؤلات عن غياب التخطيط وسوء التنظيم.
التخطيط السليم كان سيمكن المدرسة من إنهاء الأعمال خلال فترة العطلة الصيفية حين تكون المدرسة خالية من الطلاب والطاقم التدريسي، وبذلك يتم تلافي التأثير السلبي لهذه الأشغال على العملية التعليمية.
التلاميذ وعمال البناء.. ضحايا هذه الفوضى
كما يعاني عمال البناء أيضًا من هذا التزاحم مع التلاميذ، حيث يجدون أنفسهم مضطرين للعمل في بيئة مكتظة، مما يعرقل تقدمهم ويعرضهم للضغوط الناجمة عن توجيهات الإدارة للانتهاء بأقصى سرعة ممكنة.
هذا التداخل بين أعمال البناء والنشاط التعليمي يجعل الجميع، من طلاب وعمال بناء وطاقم تدريسي، ضحايا لهذا التخبط الإداري، حيث لا يجد الطالب بيئة ملائمة لتلقي المعرفة، ولا يجد العامل ظروفًا مناسبة للعمل.
أين المحاسبة؟ وأين الحلول؟
اليوم، تتجه الأنظار نحو الجهات المعنية، فالمطلوب الآن ليس فقط إنهاء أعمال الصيانة، بل أيضًا الوقوف عند أسباب التأخير وتقديم إجابات واضحة حول ما حدث. من الضروري توفير بدائل سريعة وفعالة لتحسين الوضع، مثل توفير فضاءات مؤقتة للدراسة أو على الأقل عزل مناطق البناء عن الفصول الدراسية لضمان سلامة الطلاب والمدرسين.
ختامًا، فإن ما تعانيه المدرسة الثانوية نهج كاراتشي بباردو من سوء التخطيط وعدم التنسيق يجب أن يكون دافعًا قويًا لتحسين أساليب إدارة المؤسسات التعليمية وضمان جودة التعليم التي يستحقها الجميع.