في حادثة غير مسبوقة تفضح جوانب من غياب الحماية لحقوق المدرسين، تعرضت مديرة مدرسة 2 مارس في الملاسين، يوم الاثنين 2 ديسمبر 2024، لاعتداءات جسدية ونفسية في محكمة تونس 2، على الرغم من كونها هي الشاكية في قضية ضد ولية تلميذ اعتدت عليها في مكتبها داخل المدرسة.
مقالات ذات صلة:
مدرسة "بن رشد1" في الرقاب تتحوّل إلى لوحة فنية بجهود المجتمع المحلي
تعطيل الدروس في المدرسة الابتدائية النصابية بسيدي بوزيد بسبب السيول والفيضانات
المدرسة الإعدادية نهج كاراتشي بباردو: أشغال تأهيل بلا تخطيط أم فوضى مستمرة؟
تفاصيل الحادثة
المديرة، التي كانت قد تعرضت للاعتداء من قبل ولية التلميذ في وقت سابق، لم تكن فقط ضحية الاعتداء الجسدي واللفظي في المدرسة، بل تكبدت المزيد من الأذى في محكمة تونس 2. فور وصولها إلى المحكمة، تم اقتيادها إلى "الجيول" حيث تم انتزاع نظاراتها ومصوغها، في محاولة واضحة لإهانتها وتضييق الخناق عليها.
المفاجأة الكبرى كانت في محاولة إجبارها على التوقيع على وثائق دون أن تُمنح فرصة للاطلاع عليها، في خطوة اعتبرها العديد من الحقوقيين تجاوزاً سافراً لأبسط حقوقها القانونية. تدخل المحامون في اللحظات الأخيرة لإنقاذ الموقف، ولكن هذا التدخل لم يمنع المديرة من الدخول في حالة هستيرية تطلبت تدخلاً سريعاً من الحماية المدنية.
الانعكاسات على الوضع التربوي
ما حدث لم يكن مجرد اعتداء على فرد واحد، بل كان بمثابة جرس إنذار لما قد يواجهه المعلمون والإداريون من تهديدات داخل بيئة العمل الخاصة بهم. ما يزيد من خطورة هذه الحادثة هو تواطؤ بعض العناصر الأمنية مع الولية المعتدية، وهو ما يسلط الضوء على الأبعاد الخطيرة للخلل في تطبيق القانون وحماية الحقوق في بعض الأوساط الأمنية والقضائية.
التضامن النقابي والرد الشعبي
ردود الفعل لم تكن أقل صدمة من الحادث ذاته. فقد نظم معلمو ومعلمات المدرسة وقفة احتجاجية قوية بعد الحادث، حضرها ممثلون عن النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بالملاسين والفرع الجامعي للتعليم الأساسي بتونس. كانت الوقفة بمثابة رسالة قاطعة للمجتمع، بأن كرامة المعلم أولوية لا يمكن التفريط فيها.
شعار الاحتجاج الذي رفعه المشاركون كان: "كرامتنا أولاً وأخيراً"، وهو تعبير عن وحدة الصف في الدفاع عن حقوق المعلمين ضد العنف بكل أشكاله. هذه الوقفة لم تكن مجرد تعبير عن الغضب، بل عن تلاحم الجماعة التربوية في مواجهة أي اعتداء قد يطال أحد أفرادها.
المطالب العاجلة
المجتمع التربوي في تونس، من خلال هذه الوقفة الاحتجاجية، رفع جملة من المطالب الأساسية التي لا يمكن التنازل عنها:
1. فتح تحقيق شامل: لا بد من محاسبة كل من تورط في هذا الاعتداء، سواء من الأمنيين أو من الأطراف الأخرى المتورطة، وتوضيح ملابسات ما جرى.
2. حماية المدرسين: تأكيد ضرورة توفير بيئة عمل آمنة للمعلمين، تضمن لهم الحماية القانونية والجسدية ضد أي شكل من أشكال العنف أو الهرسلة.
3. تعزيز القوانين المناهضة للعنف ضد المعلمين: في هذا السياق، يتطلب الأمر تعزيز التشريعات الخاصة بحماية حقوق المدرسين، والتأكيد على تطبيقها بشكل صارم، من أجل تفادي تكرار مثل هذه الحوادث.
ما شهدته مديرة مدرسة 2 مارس هو بمثابة مؤشر على تراجع كبير في احترام حقوق المعلمين في بيئات عملهم، ويكشف عن حالة من التواطؤ بين بعض الجهات الأمنية والجهات التي يتوجب عليها ضمان تطبيق القانون. وتظل مطالب النقابة الأساسية للتعليم الأساسي واضحة، وهي حماية كرامة المدرسين وضمان سلامتهم النفسية والجسدية في محيطهم المهني، وهو ما يستدعي استجابة سريعة من الجهات المعنية لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث.