في إطار مساعي تعزيز الشمول الرقمي ودعم النساء المهمشات، نظمت الأمم المتحدة للمرأة في تونس بالتعاون مع شركة نوكيا ورشة عمل رائدة من 15 إلى 17 نوفمبر 2024، بهدف تمكين النساء من الانخراط في المجال الرقمي واكتساب المهارات التقنية اللازمة لتحقيق الاستقلال المالي، وقد تميزت الورشة بتقديم برامج تدريبية نوعية تدعم فرص النساء المهنية وتحميهن من أشكال العنف الإلكتروني، بما يجعلها مبادرة فريدة تستجيب للتحديات الحالية التي تواجه النساء، خاصة في المناطق الريفية والنائية.
مقالات ذات صلة:
ندوة وطنية سلطت الضوء على دور الشركات الأهلية في تونس وتدشن حاضنة رقمية لدعمها
منتدى علمي في برقو يناقش واقع وآفاق المكتبات والثقافة الرقمية
مواجهة العنف الرقمي: خبراء يدعون لاستغلال التكنولوجيا لحماية المرأة
حيث افتتح الورشة كريم دريدي، المدير التنفيذي لشركة نوكيا تونس، برفقة فلورنس باستاي، ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في تونس وليبيا، حيث أكد دريدي خلال كلمته الافتتاحية أن دعم المرأة في المجال الرقمي هو ضرورة اقتصادية واجتماعية، مشيرا إلى التزام نوكيا بتقديم العون الفني والتدريبي لضمان تحقيق الشمول الرقمي، ومن جانبها، أكدت باستاي أن النساء هن الأكثر عرضة للتهميش الرقمي في العالم، وأشارت إلى أن المبادرة تستهدف تزويد المشاركات بالمهارات التي تمكنهن من مواجهة تحديات العصر الرقمي واستغلاله لتحسين أوضاعهن الاقتصادية.
اذ اشتملت الندوة على مجموعة متنوعة من المحاور التي تم تصميمها بعناية لتلبية احتياجات النساء المهمشات ومساعدتهن على الدخول في سوق العمل الرقمي، ففي المحور الأول، ركز التدريب على تنمية المهارات الرقمية الأساسية مثل استخدام الحواسيب، والتعامل مع البرمجيات المختلفة، وتعلم استراتيجيات إدارة الحسابات الرقمية، حيث يعد الهدف الأساسي لهذا المحور هو تعزيز فرص النساء في الحصول على وظائف عبر الإنترنت، أو بدء مشاريع رقمية صغيرة، ما يسهم في تحقيق استقلالهن المالي ويتيح لهن فرصة المنافسة في سوق العمل.
كما تطرقت على محاور سلوكية تركز على تنمية مهارات القيادة والثقة بالنفس، وهو عنصر بالغ الأهمية بالنسبة للنساء اللواتي يواجهن تحديات مجتمعية، وتم أثر ذلك تصميم جلسات تفاعلية تعزز قدرة النساء على اتخاذ القرارات، وتطوير شخصيات قيادية تمكنهن من مواجهة صعوبات الحياة اليومية بثقة وإيجابية، بما يجعلهن قادرات على الاندماج بسهولة في المجتمع الرقمي.
ولعل من بين المحاور المبتكرة التي تناولتها الورشة، كان دور الذكاء الاصطناعي في مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، لا سيما العنف الإلكتروني الذي تتزايد نسبته في ظل الاعتماد المت ركزت الجلسات على استكشاف طرق استخدام الذكاء الاصطناعي لرصد الإساءات الرقمية، وتحليل البيانات لإيجاد الحلول التي تساهم في حماية النساء على الإنترنت، كما تناولت الحلول الفورية التي يمكن أن تقدمها تطبيقات الذكاء الاصطناعي لدعم النساء، وتمكينهن من الإبلاغ عن الحالات الخطرة بسهولة وسرية، بما يعزز شعورهن بالأمان الرقمي.
كذا لاقى البرنامج استحسانا واسعا من المشاركات، حيث عبرن عن تقديرهن لهذه الفرصة التي منحتهن قدرة جديدة على مواجهة تحديات الحياة الرقمية، ورأى الكثير منهن أن اكتساب هذه المهارات يفتح آفاقا واسعة أمامهن، ويمنحهن الثقة اللازمة للانخراط في عالم الأعمال الرقمية أو تقديم خدمات عن بعد، مما يعزز من فرصهن الاقتصادية، وأكدت المشاركات في نفس السياق على أن التكنولوجيا يمكن أن تكون حليفة قوية لتحقيق التغيير في حياتهن، سواء من خلال بناء مصدر دخل ثابت، أو من خلال حماية أنفسهن من الأضرار النفسية والاجتماعية التي يسببها العنف الإلكتروني.
علاوة على ذلك تم اختتم الندوة بنجاح وسط أجواء من الحماس والتطلع إلى مستقبل أفضل في مجال الذكاء الاصطناعي و استثماره لتعزيز القدرة على حماية النساء لمختلف انتمائتهن من العنف، حيث أعربت الأمم المتحدة للمرأة وشركة نوكيا عن رغبتهما في مواصلة هذا التعاون من خلال تنظيم برامج تدريبية مستدامة تستهدف المزيد من النساء في مختلف المناطق، علمت وان هذه المبادرة تعد كأول خطوة وبداية لطريق طويل نحو تمكين النساء، وفتح المجال أمامهن للاندماج في سوق العمل الرقمي بثقة وقوة، مجسدا نموذجا حقيقيا لدور التكنولوجيا في تمكين النساء وحمايتهن، لتكون تونس بذلك مثالا يحتذى به في تعزيز الشمول الرقمي، وخطوة جادة نحو دعم الاستقلال المالي للمرأة، وإعطائها الأدوات الضرورية لتحويل التحديات إلى فرص، وتمكينها من العيش بأمان وكرامة في العالم الرقمي.