في قلب مدينة صفاقس التونسية حيث تتلاقى التقاليد العريقة مع حماس الرياضة الحديثة يستعد المقاتل التونسي لحبيب الحمروني لخوض واحدة من أبرز المواجهات في مسيرته المهنية، ففي يوم 20 ديسمبر 2025 ضمن فعاليات بطولة الـ HFC العالمية إذ سيلتقي بنظيره المغربي الوكيلي في قاعة الرائد البجاوي وما يجعل هذا النزال مميزا ليس مجرد الصراع البدني داخل الحلبة لكن كونه فصلا جديدا في قصة رياضي تحدى الزمن والتوقعات محولا بدايته المتأخرة إلى نموذج إلهامي للجيل الجديد من المقاتلين في تونس والمنطقة العربية .
ولد لحبيب الحمروني في صفاقس المدينة التي تعرف بتاريخها الرياضي الغني في مجالات مثل كرة القدم والمصارعة ومع ذلك لم يكن دخوله عالم الفنون القتالية المختلطة مبكرا كما هو الحال مع معظم الرياضيين المحترفين لكنه بدأ مسيرته في سن الأربعين تقريبا وهو عمر يعتبر عادة مرحلة للتقاعد أو التراجع لا للانطلاق، ووفقا لسجلات الاتحادات الدولية لم يسجل الحمروني أول نزال احترافي له إلا في السنوات الأخيرة حيث يبلغ سجله الآن فوزان دون خسارة، وهذا الإنجاز يعكس ليس فقط قوته البدنية بل أيضا إصراره على النجاح رغم التحديات ويشير مقربون منه إلى أن خلفيته كانت بعيدة عن الرياضة الاحترافية في البداية إذ عمل في مجالات أخرى قبل أن يجد شغفه في الفنون القتالية، فكما يقول مدرب سابق: "الحمروني لم يكن يبحث عن الشهرة بل عن تحدي نفسه" وبذلك منحته هذه البداية المتأخرة خبرة حياتية ونضجا ذهنيا ساعده على التفوق على الشباب الأصغر سنا في الحلبة كما جعله نموذجا يلهم الرياضيين الشباب في كافة المناطق التونسية.
هذا وقد انطلقت مسيرته الفعلية في عام 2022 حيث شارك في بطولات إقليمية في مصر محرزا ذهبية في بطولة الإيفونيشن وتلتها ذهبية أخرى في 2023 ليصبح بذلك أحد أبرز المقاتلين العرب الذين حققوا نجاحا سريعا رغم عمره، وقد شمل سجله الفوز الأول بالإخضاع مما يدل على مهارته في الجوجيتسو والمصارعة الأرضية فيما كان الفوز الثاني بالقرار مشيرا إلى قدرته على التحكم في مجريات النزال على مدار الجولات، ومن الناحية الإحصائية يبلغ طوله حوالي 188 سم ما يمنحه ميزة في الوزن المتوسط أو الخفيف الثقيل مع تركيز على الضربات الطويلة والدفاع الأرضي.
ويتميز أسلوب الحمروني القتالي بالتوازن بين القوة والذكاء إذ يجمع بين الضربات الواقفة والمصارعة الأرضية، فهو يعتمد على اللياقة البدنية العالية للسيطرة على الإيقاع بمعدل ضربات ناجحة يصل إلى حوالي 60% في الجولات الطويلة وتكمن سر قوته في المرونة الذهنية إذ يقرأ حركات الخصم بسرعة مستفيدا من خبرته الحياتية لتجنب الأخطاء الشائعة لدى المبتدئين، ويفضل الركلات المنخفضة لإضعاف الخصم تليها محاولات الإخضاع عند الانتقال إلى الأرض رغم التحديات التي قد يفرضها عمره على النزالات الطويلة، ويشير خبراء سابقون إلى أنه يشبه مقاتلين بدأوا نجاحهم متأخرا مثل راندي كوتور مؤكدين أن تركيزه على الدفاع والسيطرة على الخصم سيكون محوريا في نزاله القادم.
أما المنافس المغربي الوكيلي، المعروف بأسلوبه الهجومي السريع فهو يأتي بسجل مشابه في بعض الجوانب لكنه أصغر سنا وأكثر خبرة في البطولات الإقليمية معتمدا على الضربات العالية والسرعة وسجل يشمل فوزا بالضربة القاضية في بطولات مغربية، وبالمقارنة يتفوق الحمروني في التحمل والذكاء التكتيكي بينما يمتلك الوكيلي ميزة الشباب وتشير الإحصاءات إلى أنه إذا استمر النزال إلى الجولة الثالثة فإن فرص فوز الحمروني ترتفع إلى 70% مقابل 50% للوكيلي في النزالات السريعة مما يجعل هذا النزال صراعا شمال أفريقيا حاسما للسيطرة على الوزن في المنطقة.
ويعد الحمروني رمزا للرياضة التونسية، إذ ساهم في جذب الاستثمارات إلى صفاقس من خلال HFC التي تنظم تحت رعاية HUMAN FC مع بطولة تجمع مقاتلين من المغرب وتونس والجزائر وتعزز السياحة الرياضية وتدر ملايين الدينارات للمدينة مع جذب آلاف الزوار، وعلى المستوى الإقليمي يمثل دليلا على قدرة العرب على المنافسة العالمية محطما الصور النمطية المرتبطة بالعمر ويشبهه البعض في الإصرار بنجوم عالميين مثل خبيب نورماغوميدوف لكنه يعكس النسخة العربية من العزيمة والإرادة.
ومع اقتراب موعد النزال في 20 ديسمبر تبقى الأنظار متجهة نحو لحبيب الحمروني الذي حول بدايته المتأخرة إلى قصة نجاح ملهمة، فهل سيتمكن من إضافة فوز ثالث إلى سجله مؤكدا مكانته كأسطورة صفاقس؟ الإجابة ستكتب داخل الحلبة ولكن مسيرته تثبت أن الإرادة والانضباط قادران على صنع التاريخ وأن الروح التونسية لا تعرف الاستسلام وبالتالي يمثل مثالا حيا على قدرة العزيمة الفردية على مواجهة التحديات.
