اكتشاف أثري مذهل في سوريا يعيد كتابة تاريخ السلاحف البحرية
بعد 13 عاماً من الإهمال في أحد الأدراج، عادت أحفورة سلحفاة بحرية عمرها 50 مليون عام لتحدث ضجة علمية كبيرة، إذ كشفت دراسة حديثة أن هذه السلحفاة تمثل نوعًا جديدًا لم يوصف سابقًا، أُطلق عليه اسم Syriemys lelunensis، ليكون أول نوع من الفقاريات الأحفورية يوصف رسميًا في سوريا.
الأحفورة، التي عُثر عليها عام 2010 قرب بلدة الظريفة في عفرين، كانت محفوظة في مكاتب المديرية العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية في حلب حتى لاحظها فريق دولي من الباحثين، قادته العالمة السورية-البرازيلية وفاء عادل الحلبي من جامعة ساو باولو بالتعاون مع باحثين من ألمانيا ولبنان وكندا والبرازيل.
🔹 تفاصيل مذهلة
يبلغ طول درع السلحفاة 53 سم وعرضه 44 سم، ويحتوي على قالب داخلي محفوظ بدقة، إضافة إلى أجزاء من الصدفة البطنية وعظام الحوض والأطراف الخلفية، ما يوفر رؤية شاملة لبنية هذا النوع المنقرض.
🔹 تغيير النظرة لتطور السلاحف البحرية
ينتمي هذا النوع إلى فصيلة Stereogenyini المنقرضة، المتكيفة مع الحياة البحرية، ما يجعل اكتشافه أبكر بـ10 ملايين سنة مما كان يُعتقد سابقًا. استخدم الباحثون أحافير الفورامينيفيرا المجهرية لتحديد أن السلحفاة عاشت في أوائل عصر الإيوسين، فترة ارتفاع درجات الحرارة العالمية واتساع البحار الضحلة.
🔹 من محيط تيثيس إلى المتوسط
قبل 50 مليون عام، كانت الأراضي السورية جزءًا من محيط تيثيس، ما وفر بيئة مثالية للسلاحف البحرية. ويضيف هذا الاكتشاف موقعًا جغرافيًا جديدًا لتوزيع هذه الفصيلة المنقرضة، التي وُجدت سابقًا في أمريكا الشمالية والجنوبية والكاريبي وأفريقيا وشرق آسيا.
🔹 رسالة أمل للعلم في سوريا
رغم الظروف المعقدة في البلاد، يوضح هذا الإنجاز أن البحث العلمي لا يزال حيًا. فكما يقول البروفيسور ماكس لانجر: "قد يبدو الحديث عن الأحافير في ظل المآسي هناك أمراً غير واقعي، لكنه يكشف إمكانات البلاد ويؤكد أن العلم لا يزال حياً".
هذا الاكتشاف يشكل الخطوة الأولى لمبادرة "استعادة الزمن الضائع في سوريا"، التي تهدف إلى توثيق ودراسة التراث الجيولوجي السوري رغم التحديات الكبيرة.