بقلم: عزيز بن جميع
في أمسية فنية حملت الكثير من الرقيّ والحميمية، خطفت زينب الشريف الأضواء في أوّل حفل خاص لها بدار المسرحي بباردو، لتعلن منذ اللحظة الأولى أنّ حضورها ليس عابرًا… بل انطلاقة نجمة قادمة بثبات نحو سماء الفن الراقي.
بقلم: عزيز بن جميع
في أمسية فنية حملت الكثير من الرقيّ والحميمية، خطفت زينب الشريف الأضواء في أوّل حفل خاص لها بدار المسرحي بباردو، لتعلن منذ اللحظة الأولى أنّ حضورها ليس عابرًا… بل انطلاقة نجمة قادمة بثبات نحو سماء الفن الراقي.
بقلم: عزيز بن جميع
في زمن تتسارع فيه الوجوه وتتشابه الأصوات، يظلّ لبعض الإعلاميين وهجٌ خاص لا يخبو… من بين هؤلاء لمياء الكوكي، إحدى أبرز الأصوات التي حملت ملامح "الزمن الجميل" بأخلاقها المهنية ورصانتها الثقافية وحضورها الإذاعي الهادئ والواثق.
تحتضن مدينة بنزرت يوم 29 نوفمبر الجاري فعاليات ملتقى إقليمي موجّه لمديري المركّبات الثقافية ودور الثقافة بولايات بنزرت والكاف وجندوبة وباجة، وذلك في إطار برنامج وطني يهدف إلى تطوير قدرات الإطارات العاملة بالمؤسّسات الثقافية وتحسين نجاعتها الإدارية والاتصالية.
في زمن طغت فيه الشاشات على تفاصيل يوم الشباب وابتلعت الآلةُ الحلمَ والخيال، يطلّ من بين الركام صوتٌ مختلف… صوتٌ لا يُسمَع، بل يُرى. بصيص نور يشقّ العتمة، عنوانه الإحساس، ورسالته الفن. إنه خيري جراية، أصغر رسّام في شمال إفريقيا، الفنان التشكيلي التونسي الذي منح للصمت ألوانًا، وللإعاقة معنى جديدًا: الإبداع عندما يصبح فعل مقاومة.
ينحدر خيري من عائلة ضاربة جذورها في الفن والذاكرة، فهو سليل الشاعر والملحن الراحل أحميده جراي، أحد الأسماء التي تركت بصمتها في الموسيقى التونسية، ومنسق حفلات في مهرجانات كبرى مثل مهرجان قرطاج الدولي. هذه البيئة المشبعة بالفن فتحت أمام خيري باب الشغف، لكنه اختار طريقًا مختلفًا… طريق الريشة واللون.
ريشة تنطق… ولوحات تتكلم عن تونس
يؤمن خيري جراية بأن حب الوطن يصنع بالعمل والإبداع، لا بالشعارات. لذلك اختار أن يخلّد باستمرار التراث التونسي، الآثار المادية، التفاصيل المنسية، والحكايات التي علّقها الزمن على الجدران.
وقد أطلق سنة 2024 أول معارضه في المركّب الثقافي أسد بن الفرات بالقيروان تحت عنوان "الآثار المنسية"، وهو أول معرض لفنان أصمّ في هذا الفضاء الثقافي. معرضٌ دشّنته الأستاذة ربيعة بلفقيرة، المديرة العامة للعمل الثقافي، ولاقي حينها إعجابًا كبيرًا من الزوار والنقاد.
خيري، الذي يشكو من قصور في السمع، لا يرى ذلك عائقًا. بل يراه مصدر قوّة. يخلق لوحات تُقرأ بالعين قبل العقل، وتحمل مشاعر لا تحتاج إلى لغة منطوقة. فالفن عنده "صوت الروح" كما قال في حديثه:
"لم يكن طريقي مفروشًا بالورود، لكنني آمنتُ أن الإصرار يرسم المستحيل بألوان الأمل… لوحاتي هي صوتي الذي يصل إلى العالم."
واقعية تنبض بالحياة… وتحدٍّ في كل خط
لوحات خيري أقرب إلى عدسة كاميرا منها إلى ريشة فنان، واقعية حدّ الإدهاش، دقيقة حدّ الالتقاط، وصامتة حدّ البوح. يضع خطه الأول وكأنه يبدأ حوارًا مع التاريخ، وينهي لوحته وكأنه يصنع جسرا بين الماضي والحاضر، بين الهوية والانفتاح.
يستمد خيري أسلوبه من المدرسة الواقعية، لكنه يكسوها بطاقته الإيجابية الخاصة، ليبرهن أنّ الفن رحلة تتجاوز السمع والبصر… إنها حوار بين القلوب.
أصغر رسّام في شمال إفريقيا… وإرادة تكسر المستحيل
في عمر صغير، نجح خيري جراية في نحــت اسمــه في المشهد التشكيلي التونسي والإقليمي، ليصبح أصغر رسام في شمال إفريقيا يقدّم معرضًا فنيًا فرديًا بهذا الزخم. شاب حمل الوطن على ريشته، وحوّل الإعاقة إلى قوة، والصمت إلى موسيقى ألوان.
إنه باختصار، فنان يؤمن بأن الفن هو اللغة التي توحّد الشعوب… دون حاجة لكلمة واحدة.
منصف كريمي