يعيش الشعب التونسي في زمن تحديات مالية خطيرة، فالاقتصاد الوطني يعاني من تداعيات سنوات الاضطرابات السياسية والتغيرات الاقتصادية العالمية، وفي هذا السياق استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد محافظ البنك المركزي التونسي، السيد فتحي زهير النوري، لبحث آخر المستجدات في الاقتصاد التونسي ونتائج مشاركة البلاد في الاجتماعات الدورية لمجموعة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي.
تحظى تونس بتقدير عالمي على ما تحققه من جهود في سبيل تعزيز استقرارها المالي والاقتصادي، وقد أكد رئيس الجمهورية على أهمية أن يكون التعاون الدولي في إطار اختيارات تونس الوطنية، وأن تكون البلاد منفتحة على التعاون دون أن تكون مرهونة بشروط أو إملاءات خارجية. هذا يعكس إصرار البلاد على الحفاظ على سيادتها وتحقيق مصالحها الوطنية.
ومن جهة أخرى، يتطلب التحدي الحالي مضاعفة الجهود لمكافحة التمويلات غير الشرعية التي تساهم في زعزعة استقرار البلاد، وفي هذا الصدد أشار رئيس الجمهورية إلى ضرورة تعزيز دور لجنة التحاليل المالية في تحقيق هذا الهدف، و لابد من أن نتصدى بقوة للجهات التي تستغل الفوضى وتسعى لترويج التمويلات غير الشرعية في تونس، فهذه التمويلات تشكل تهديدًا للأمن الاقتصادي والاستقرار الوطني.
إن تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي في تونس يتطلب تضافر الجهود وتكثيف التعاون بين الحكومة والمؤسسات المالية الإقليمية والعالمية، ويتعين علينا أن نتحلى بالحكمة والحذر في اتخاذ القرارات المالية، وأن نضمن استدامة النظام المالي وتعزيز الشفافية في إدارة الأموال العامة.
هذا وعلينا أيضا أن نعمل على تعزيز قطاعات الاقتصاد الوطني المتنوعة والمستدامة، كالسياحة والصناعة والزراعة، وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية، كما يجب أن نستثمر في تطوير المهارات وتعزيز الابتكار وتحسين بيئة الأعمال لجذب المزيد من الاستثمارات وتعزيز النمو الاقتصادي، كما لابد ايضا أن نركز على تعزيز التعليم وتطوير القوى العاملة لتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة.
لقد أثبت الشعب التونسي مرارا وتكرارا قدرته على التصدي للتحديات والتغلب على الصعاب، كما وانها بلد يتمتع بثروات ثقافية واقتصادية كبيرة، وإذا تمكنا من توفير الاستقرار الاقتصادي والمالي، فإن لدينا القدرة على تحقيق نمو وازدهار مستدام.
في الختام، فإن مستقبل تونس يعتمد على قدرتنا على التعاون والتضامن، وعلى قدرتنا على اتخاذ قرارات حكيمة وتنفيذ إصلاحات هيكلية لتعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي،فهي بلد يستحق أن يكون قويا ومزدهرا، ويمكننا تحقيق ذلك من خلال العمل المشترك والتفاني في خدمة وطننا.
ايمان مزريقي
