تستعد قاعات السينما التونسية لاستقبال فيلم "النافورة" للمخرجة سلمى بكار، الذي ينطلق عرضه بداية من 15 جانفي 2024. الفيلم، الذي يمزج بين الدراما الاجتماعية والبعد السياسي، يعيد قراءة واحدة من أبرز المحطات المفصلية في تاريخ تونس الحديث، وهي اعتصام الرحيل صيف 2013.
مقالات ذات صلة:
صاحبك راجل: فيلم تونسي يُعيد العائلة إلى قاعات السينما
انطلاق عروض فيلم "موفاسا: الأسد الملك" في قاعات السينما التونسية
من المسافة صفر.. فيلم فلسطيني في سباق الأوسكار يعيد غزة إلى واجهة العالم
افتتاحية غير تقليدية: رسالة تكريم وإبداع
اختارت سلمى بكار أن تبدأ الفيلم بأسلوب مبتكر، حيث قدمت شارة العمل عبر أداء مباشر للفنانة لبنى نعمان، بمرافقة موسيقية لربيع الزموري. الكلمات مأخوذة من قصيدة للشاعر التونسي الراحل الصغير أولاد حمد، مما أضفى عمقاً عاطفياً على انطلاقة الفيلم. هذا الخيار لم يكن عفوياً، بل جاء تكريماً للمرأة التونسية التي جسدت، حسب رؤية بكار، رمز النضال والكرامة.
حكايات نسائية في قلب الأحداث
يروي "النافورة" قصة ثلاث نساء من خلفيات اجتماعية وأجيال مختلفة:
* جليلة (ريم الرياحي): امرأة ناضجة تحمل هموم الأسرة والمجتمع.
* سلوى (أميرة درويش): شابة تبحث عن دورها في ظل الظروف العصيبة.
* مروى (رنيم علياني): فتاة مراهقة تجد نفسها مضطرة لمواجهة واقع أكبر من عمرها.
يجتمعن في نزل وسط العاصمة، حيث يربط بينهن اعتصام الرحيل، الذي جاء كرد فعل على اغتيال النائب محمد البراهمي في 25 جويلية 2013. من خلال هذا الإطار، يقدم الفيلم بانوراما إنسانية وسياسية تعكس أجواء تلك الفترة المشحونة.
سرد متشابك ومؤثر
تعتمد سلمى بكار في "النافورة" على أسلوب سردي متشابك، ينسج حكايات النساء الثلاث ضمن السياق السياسي والاجتماعي لاعتصام الرحيل. تبدأ القصة من معاناتهن الفردية، التي تتنوع بين الخوف واليأس، لتتحول إلى قوة جماعية تعكس صلابة المرأة التونسية في مواجهة التحديات.
رسائل الفيلم وأبعاده
يمثل "النافورة" أكثر من مجرد فيلم درامي؛ إنه شهادة سينمائية على دور المرأة في اللحظات الحرجة من تاريخ البلاد. من خلال قصص جليلة وسلوى ومروى، يعكس العمل رؤية سلمى بكار لقضايا الحرية، النضال، والتضامن الاجتماعي، حيث تبدو المرأة، مرة أخرى، محور التحولات الكبرى.
سينما الثورة والذاكرة الجماعية
بتقديمها "النافورة"، تضيف سلمى بكار لبنة جديدة إلى سينما الثورة في تونس، مسلطة الضوء على دور الثقافة والفن في توثيق الذاكرة الجماعية. الفيلم يعيد طرح أسئلة حول دور الفرد والجماعة في صناعة التغيير، مستحضراً لحظات مفصلية من تاريخ البلاد، ومخاطباً وجدان جمهور يبحث عن حكايات تعكس واقعه وتطلعاته.
"النافورة" ليس مجرد فيلم سينمائي؛ إنه تجربة إنسانية وسياسية تدعو للتأمل في الماضي واستشراف المستقبل، عبر عدسة درامية تسلط الضوء على قوة المرأة التونسية وصمودها في وجه التحديات.