في تطوّر يسلّط الضوء على الكلفة النفسية الباهظة لحرب الاحتلال على قطاع غزة، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، اليوم الأحد 29 جويلية 2025، عن أرقام صادمة تتعلق بالحالة النفسية داخل صفوف الجيش الإسرائيلي، حيث أكدت أن أكثر من 10 آلاف جندي يخضعون حاليًا للعلاج من أزمات نفسية حادة منذ اندلاع هجوم 7 أكتوبر 2023.
ووفقًا للتقرير، فإن الجيش الإسرائيلي يواجه موجة غير مسبوقة من الاضطرابات النفسية في صفوف جنوده، لا سيما الشبان الذين كانوا في قلب المعارك أو تعرضوا لهجمات صاروخية، أو شاركوا في العمليات العسكرية داخل غزة.
وأكدت الصحيفة أن المؤسسات الطبية والعسكرية في الكيان استقبلت منذ أكتوبر الماضي أكثر من 19 ألف مصاب عسكري، من بينهم الآلاف ممن يعانون من القلق، الكوابيس، الاكتئاب، وصدمات ما بعد الحرب، مشيرة إلى أن أكثر من 12 ألف جندي لم يعودوا للقتال بسبب تدهور حالتهم النفسية.
ويبدو أن الجيش الإسرائيلي يعيش أزمة داخلية صامتة، تتجاوز الخسائر المادية والقتلى إلى نزيف بشري ومعنوي خطير قد يهدد مستقبل التجنيد والانضباط العسكري في صفوفه.
جبهات القتال تترك ندوبًا لا تُشفى
من المثير أن النسبة الكبرى من المصابين نفسيًا هم من الفئة العمرية الشابة، وهو ما يطرح تساؤلات جدّية حول جاهزية هؤلاء الجنود لخوض معارك طويلة الأمد في بيئة مليئة بالرعب والمجازر.
وبحسب خبراء نفسيين إسرائيليين، فإن "التدريب العسكري لا يهيّئ الجنود لتحمل مشاهد الدمار والقتل الجماعي"، مؤكدين أن القوات تعيش حالة من الإنهاك النفسي الجماعي، قد تتحول لاحقًا إلى قنابل موقوتة داخل المجتمع الإسرائيلي.
الصدمة مستمرة... ولا حلول جذرية
ما يعمّق هذه الأزمة، هو غياب استراتيجية واضحة لمعالجة هذا الانهيار النفسي المتفاقم، حيث يعتمد الجيش على برامج دعم نفسية محدودة أثبتت فشلها أمام ارتفاع الأعداد. وقد دعت أصوات من داخل المؤسسة العسكرية إلى مراجعة عميقة لأساليب التأهيل، وفتح نقاش وطني حول الكلفة النفسية للحرب، لكن الرد الرسمي لا يزال يتأرجح بين الإنكار والتقليل من حجم الكارثة.
في ظل كل هذه المعطيات، يبدو أن آثار 7 أكتوبر لم تعد تقتصر على الخسائر في الأرواح والمعدات، بل أصبحت تفتك بأعصاب الجنود، وتحوّلهم إلى أشباح حرب يلاحقهم الذنب والخوف والانهيار.
