صباح الجمعة 5 ديسمبر 2025، تحول إقليم المظيلة في قلب ولاية قفصة إلى بؤرة توتر صناعي واجتماعي، بعد أن أعلن عمال شركة فسفاط قفصة إضرابًا شاملاً شمل المغاسل والمقاطع الجبلية، ما أدى إلى شلّ شبه كامل للإنتاج في المؤسسة التي لطالما اعتُبرت قلب صناعة الفسفاط التونسية.
ويطالب العمال، بحسب تصريحاتهم، بـ صرف منحة الإنتاجية لعام 2024، وتفعيل منحة الشهر الثالث عشر، إلى جانب تفعيل محاضر جلسات سابقة لم تُنفّذ رغم الاتفاق عليها، معتبرين أن استمرار الوضع بهذه الطريقة يمثل إهمالًا متعمدًا لحقوقهم.
وتاريخيًا، لم يكن إقليم قفصة بعيدًا عن صراعات العمال والإدارة والسلطات. منذ الاستقلال، لعب قطاع الفسفاط دورًا حيويًا في دعم الاقتصاد الوطني وتنمية الجنوب التونسي، لكن الإضرابات المتكررة تعكس عمق الاحتقان الاجتماعي والمطالبة بحقوق اقتصادية واجتماعية عادلة، خصوصًا أن المنطقة شهدت انتفاضات عمالية متلاحقة في العقود الماضية كانت أحيانًا تُقابَل بالقوة وأحيانًا بالتفاوض.
ويحذر خبراء الاقتصاد من أن استمرار الإضراب قد يؤدي إلى تعطّل الإنتاج الوطني للفسفاط، الذي يشكل رافعة اقتصادية مهمة للتصدير وتمويل ميزانية الدولة، كما يمكن أن ينعكس على سلاسل الإنتاج المرتبطة بالصناعة والزراعة، ما يضع الحكومة تحت ضغط معالجة الأزمة قبل تفاقمها إلى أزمة أوسع تهدد الاستقرار الاجتماعي.
وفي قلب هذا الصراع، يظهر العمال كـ حراس لمكتسباتهم ومستقبلهم المهني والاجتماعي، بينما تبقى الإدارة تواجه تحديًا مزدوجًا: تلبية المطالب العمالية دون الإخلال بأداء المؤسسة وحجم الإنتاج الوطني.
ويبقى السؤال المُلِح: هل سيشهد إقليم قفصة انفراجة سريعة، أم أن هذا الإضراب سيمثل فصلاً جديدًا في تاريخ النضالات العمالية في الجنوب التونسي، ويعيد إشعال المطالب الاجتماعية العميقة التي تراكمت على مدى سنوات من العمل الشاق في باطن الأرض؟



