القاهرة – من عبد الحفيظ حساينية
شكّلت زيارة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إلى القاهرة ولقاؤه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي محطة جديدة في مسار العلاقات السودانية المصرية، وسط تحولات إقليمية متسارعة وتحديات مشتركة تواجه البلدين في ملفات الأمن المائي والاستقرار الإقليمي.
تعزيز الشراكة في زمن التحولات
وفي قراءةٍ للمشهد، اعتبر الباحث في الشؤون العربية والإفريقية والأمين العام لشبكة شمس علي فوزي أن هذه الزيارة تمثل خطوة محورية نحو مقاربة متوازنة تعيد صياغة العلاقات بين القاهرة والخرطوم على أسس من التنسيق والتكامل.
وقال فوزي إن اللقاء بين السيسي والبرهان "يعكس إرادة سياسية واضحة لتوحيد المواقف وتكثيف التعاون السياسي والأمني في مواجهة التحديات المشتركة"، مشيراً إلى أن الجانبين يسعيان لتفعيل آليات الاستقرار والتنمية في السودان وتعزيز أمن حوض النيل، بما في ذلك أزمة سدّ النهضة التي تظل أحد أبرز الملفات الشائكة في المنطقة.
من التشاور إلى التخطيط العملي
وأوضح فوزي أن المباحثات التي جرت في قصر الاتحادية بحضور وزير الخارجية محي الدين سالم أحمد ومدير المخابرات أحمد إبراهيم مفضل، تمثل انتقالاً بالعلاقات الثنائية من مرحلة التشاور السياسي إلى مستوى التخطيط العملي للتعاون المشترك، بما يفتح الباب أمام مشاريع ملموسة في مجالات التنمية والتكامل الاقتصادي.
وأكد أن القاهرة من خلال هذا الانفتاح تسعى إلى دعم وحدة السودان واستقراره، في حين يجد البرهان في مصر شريكاً استراتيجياً قادراً على الإسهام في تهدئة الأوضاع ودفع العملية السياسية نحو حلول واقعية ومستدامة.
مقاربة جديدة لأمن البحر الأحمر والقرن الإفريقي
وأشار الباحث إلى أن اللقاء لا يقتصر على العلاقات الثنائية فحسب، بل يتجاوزها نحو بلورة رؤية إقليمية متوازنة لحماية الأمن العربي والإفريقي، وضمان توازن المصالح في منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي التي تشهد تنافساً متزايداً بين القوى الإقليمية والدولية.
وختم فوزي بالقول إن "الزيارة تشكّل رسالة سياسية واضحة بأن القاهرة والخرطوم ماضيتان في تثبيت معادلة جديدة تقوم على الشراكة والتكامل لا على التوتر والمصالح الضيقة، في وقت تحتاج فيه المنطقة إلى أصوات الحكمة والعقلانية".